وفي الجلسة الخامسة ارتأى الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة ان يخرج بأجواء ايجابية ويوزع ابتساماته امام عدسة النقل المباشر ويرفض الدخول في اي عبارة او موقف حمال أوجه وقد يسبب لغطاً ويشوش صفوَ المفاوضات الحكومية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. ابتسامات ميقاتي وتفاؤله لم تثنه عن الاعتراف بوجود عقد وحرصاً منه على عدم زيادتها آثر عدم الخوض في تفاصيل ما طرحه مع عون. لم يتحدث عن حقائب وتوزيعها ولا عن اسماء ولا شرح سر المغلف الذي حمله الى اجتماعه مع عون وخرج من دونه ليتبين انه ملف توزيع الحقائب على الطوائف اما البحث في الاسماء فلا يزال شفهياً.
لميقاتي اسبابه لضخ اجواء ايجابية، وبدا بما قاله وكأنه يحاكي عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ويرد على المعلومات التي تتسرب عنهما. اذ ليس سراً ان مربض الحكومة لدى رئيس الجمهورية هو المداورة في الحقائب على ان يسري المبدأ على كل الوزارات بما فيها وزارة المالية والا فهو يصر على الداخلية من ضمن الحصة المسيحية، واذا لم تقر الاولى ولا الثانية فاللجوء الى الاسوأ وهو الحاجة الى اعادة النظر بالطائف. وفق وجود من يؤكد ان هذه ستكمل حتى نهايتها وسط من ينقل عن رغبة باسيل في الاستثمار بهذه النقطة مسيحياً في الانتخابات النيابية.
بعض المتفائلين ينقلون ان الحلحلة واردة في اي لحظة، وان مبعث تفاؤل الرئيس المكلف وجود حماس لدى عون لاخراج حكومة ومرونته تجاه تبني شخصية سنية للداخلية يتوافق بشأنها مع ميقاتي، آخرون ذهبوا ابعد بتوقع ان تبصر الحكومة النور الاسبوع المقبل.
بحصيلة الجلسات الخمس فان النتيجة صفر حكومياً ما لم يخرج ميقاتي بمعطى يقدمه ويعلن حلحلة ولو عقدة واحدة من العقد المستعصية. وفي غمرة التعطيل والاجتماعات التي لم تخرج الى العلن يلاحظ غياب المبادرين او اللاعبين الاساسيين على خط التشكيل اي الثنائي الشيعي. فعلى غير عادته يغيب رئيس مجلس النواب ويكتفي بدور المراقب من بعيد ومثله يفعل “حزب الله” الذي سبق ان حاول واصطدم بحائط مسدود. وكأن قناعتهما القديمة مع الحريري تتجدد مع ميقاتي بأن عون لا يريد نجيب ميقاتي ويرفع سقف شروطه لحثه على الاعتذار. ايام حساسة اذا لم يتم التدخل لتليين الاجواء الحكومية. تعلق مصادر معنية بالملف الحكومي على الكلام الايجابي بالقول ان الهدف منه ابقاء الوضع تحت السيطرة امنياً واجتماعياً واقتصادياً لكن فان حقيقة الامور تقول ان ميقاتي نحو الاعتذار في حال لم يصر الى تذليل العقبات. فلا عون بوارد التراجع عن الداخلية ولا ميقاتي يتنازل عنها وهي شرط من شروط الحريري وأهمها ولا يمكن لميقاتي التنازل عنها. كما أن بري ليس بوارد التنازل عن المالية رغم وجود من توقع ان يكون ذلك هو الحل انطلاقاً من تجارب سابقة اعتادها رئيس المجلس بأن يجترح الحلول ولو على حساب حصته لكن مصادر متابعة استبعدت هذه الفرضية لالف سبب وسبب.
معطى آخر يؤشر الى ان لا تشكيل حكومة في القريب، وجدته مصادر سياسية في كلام امين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله بشأن استيراد المازوت والدواء وفي هذا الصدد توضح مصادر مطلعة على اجواء “حزب الله” ان كلام السيد ورد في سياق الرد على سؤال. ذلك ان بيئة الحزب وجمهوره لا يتوقفان عن السؤال عما وعد به السيد لتقول ان السيد سبق وقال اما ان يتم الاستيراد عبر الدولة او من خلال شركات خاصة او نحن نستورده بشكل قانوني في حال تعذر استيراده من خلال الطريقتين الاوليين ولذا اعلن ان وفداً ذهب الى ايران بهدف دراسة الآلية لان الوقود الايراني وصوله سهل الى سوريا ومنه الى بيروت فيما يمكن ايضاً استيراد الدواء من سوريا مباشرة.
المطلوب من ميقاتي ان يشكل حكومة ضمن السقف الذي وضعه الحريري لانه لولا غطاء الاخير لما كلف ولكن هذا لا ينفي وجود مصلحة له بتشكيل حكومة انقاذية تحاكي المجتمع الدولي وتوقف التدهور المالي فيتحول الى منقذ ولكن في حال استمرت العراقيل سيقول اني حاولت. وما تفاؤله الا محاولة للضغط واحراج عون وباسيل.