ماذا يثرثر رئيس الجمهورية اللبنانية العظمى ورئيس الحكومة المكلّف عندما يلتقيان في بعبدا، سواء في الجناح العائلي أو في الصالون الرئاسي وهما قاعدان كأنهما مقيّدان إلى كرسيي الجلد الرماديين من دون لفّ ودوران و”عنزقة”؟ وبتهذيب أكثر: بمَ يتناقش الرئيسان كلما تواعدا؟ وبصيغة محض أكاديمية: أي طبخة يشبعانها درساً وتمحيصاَ ومناقشة وبحثاً؟
أستعير من المقبور منذ أول من أمس مكانه، في صفّ قهر لا ينتهي، بانتظار إيلاج خرطوم مجهول الهوية في ريزرفوار سيارته العمومية لإشباعها بنزيناً على سعر 128 ألفاً للتنكة: العمى لو أنكما تقومان بخراطة سيغمانات وتغيير بيضات وقمصان لكنتما أنهيتما عملكما في أقل من أسبوع.، لو كنتما تنقبّان على النفط ببعلشميه لظهرت مؤشرات إيجابية، لو كنتما زوجي حمام لفقستما ولو كنتما تشتغلان على تخصيب اليورانيوم لما استغرقت عملية التخصيب 13 اجتماعاً علنياً. أما ما قاله الآخرون عن الطاقم الحاكم، فلا تسعه قواميس الرذالة ومحيطات الشتيمة.
أعود إلى القضية الأم: الحكومة. عندما يجلس كبير رؤساء وملوك العالم مع الأطول قامة بين رؤساء الحكومة وأكثرهم لباقة، ماذا يدور بينهما بعيداً عن الصوت والصورة؟ أولاً هل يعدّلان قعودهما أو يبقيان متشنجين مشدودين طوال الوقت؟ أعتقد أن الرئيس عون سيبادر ميقاتي بالسؤال بعد خروج المصوّرين: شو يا إبني عبّيت شبكات الـ Excel ووضعت مقابل كل إسم مين بيخص ومين تابع مع سيرة ذاتية وشبكت مع السيرة ثلاث صور بالحجم الكبير. فيجيب الميقاتي بلؤم: لا بابا عبيت 3 شبكات لوتو مع زيد.
فتحبك النكتة مع عون: إذا ربحتْ الليلة يا نجيب بدي تلت الجائزة.
نجيب: كلنا على حسابك فخامة الرئيس.
عون: هيدا حكي. أكثر من الثلث لا أريد أي حقيبة.
نجيب: لكن بحساباتي الثلث الحكومي يضم الطاشناق وعطوفة المير.
عون: المير؟ مين المير؟
نجيب بوتيرة هادئة: المير فخر الدين المعني الثاني الكبير فخامة الرئيس من حصتك والأرمن أيضاً.
يطلب الرئيس فنجان قهوة واحد بلا سكر للرئيس ميقاتي وقطعة بابا آروم له. القهوة تقلقه بعد الساعة الرابعة. ويتابعان الدراسة والبحث. المهم شو طالعلي بهالطبخة ؟ وكم إسم أخدت من سلة جبران؟
“أخذت من فيهم الخير والبركة من ذوي السيَر الحسنة في حكومتي” يعقّب الرئيس المكلّف.
والوزيران المسيحيان المقترحان للإعلام والتوثيق لمن؟ والشجون الإجتماعية لمن في “حكومتك” يا رجوتي؟ سأل الرئيس.
“شؤون فخامة الرئيس وليست شجون” أوضح ميقاتي.
حدج الجنرال رئيس حكومته بنظرة غضب. احمرت وجنتا الميقاتي. سقطت ملعقة البابا آروم على ركبة الماروني الأول.
“إذا بعد 14 إجتماع يا نجيب وبعدك عم تناور فحكومة رح تتشكل” يفهم نجيب أن الإجتماع انتهى.
يخال إلي أن الإجتماع الأخير كان بهذا القدر من العمق.