تتوقّع مصادر سياسية عليمة، أن تتوضّح مشهدية الوضع السياسي الأسبوع المقبل، وذلك على الصعيد الحكومي بعد عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الخارج، حيث علم من الدوائر الضيّقة المقرّبة منه، أنه على وشك اتخاذ خطوات لافتة بعد العاصفة الأخيرة بفعل ما جرى على خط العلاقة بين لبنان والسعودية.
ولهذه الغاية، ثمة أجواء أن رئيس الحكومة يعيش وضعاً محرجاً، وقام قبيل توجّهه إلى لندن بسلسلة اتصالات داخلية وخارجية بغية احتواء الوضع مع دول الخليج، لا سيما المملكة العربية السعودية، ولكن ما زالت الأمور عالقة ومستعصية نظراً للجو الداخلي المنقسم بين سائر المكوّنات السياسية، وربطاً بالأحداث الأخيرة إن من الطيونة، أو التحقيق القضائي المتعلّق بانفجار المرفأ، وأيضاً على خط الخلاف حول الإنتخابات من زاوية التعديلات الدستورية، وبمعنى أوضح هناك حالة انعدام وزن بين بعبدا وعين التينة، بعد تفاقم الخلاف بين «التيار الوطني الحرّ» ورئيس المجلس النيابي نبيه بري.
من هذا المنطلق، ينقل بأن ميقاتي متخوّف من اشتداد الأزمات الحياتية والمعيشية، عطفاً على توالي الأزمات والخلافات، وما زاد الطين بلّة، ما يحصل اليوم بعد مواقف وزير الإعلام جورج قرداحي، وما خلّفته من ارتدادات وتداعيات قد يكون لها وقعها السلبي على مسار هذه العلاقات اللبنانية ـ الخليجية، وكذلك انسحابها على الداخل اللبناني، وقد بدأت معالم ذلك تظهر تباعاً.
وثمة معلومات حول عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت في الأيام القليلة المقبلة، بحيث سيلتئم المكتب السياسي لـ «تيار المستقبل» والكتلة النيابية، وعلم أن موقفاً سياسياً هاماً سيصدر بعد هذه اللقاءات وفيه شقّ أساسي من الأزمة الحالية مع الخليج، مما يضع علامات استفهام ويطرح تساؤلات حول مصير الإستحقاقات الدستورية الداهمة إزاء هذه الأوضاع المتفلّتة. وعلى هذه الخلفية، فإن رئيس الحكومة يرى صعوبة إيجاد وسائل الدعم بعد التطوّرات الأمنية والسياسية الأخيرة، لا سيما ما يتعلق منها بالوضع المأزوم مع دول الخليج، ولهذه الغاية ستتحوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، بينما هناك أجواء أيضاً تشي بصعوبة عودتها إلى الإجتماع في ظل هذه الأوضاع التي تضجّ بها الساحة الداخلية، لذا، كل الخيارات باتت متاحة، وهذا ما تقرّ به وتشير إليه أكثر من جهة سياسية عليمة، والتي ترى أن الأيام المقبلة ستكون مفصلية، لا بل قد تحصل مفاجآت على الساحة اللبنانية حكومياً وسياسياً، في ظل تراكم الملفات الخلافية والأزمات المستعصية.
وأخيراً، وفي خضم هذه الظروف، ثمة أجواء عن وساطات تقوم بها بعض الدول العربية من أجل عودة الأمور إلى مجاريها بين لبنان ودول الخليج، على أن يكون هناك موقف لبناني متقدّم وحازم، ليعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، إلا أن ما يعيق الحلول يعود إلى الإنقسامات الحاصلة، وبالتالي، الحسابات الإنتخابية ومصالح معظم الأطراف على أبواب الإستحقاقات الإنتخابية النيابية أو الرئاسية، ولهذا، فإن ما يجري اليوم، إنما يصبّ في إطار التفتيش عن حلول تسمح بإخراج البلد من هذه الأزمات التي بدأت تنذر بعواقب وخيمة، في حال لم يتم تداركها وفي وقت قريب جداً، مع تفاقم الوضع المعيشي والحياتي، وكل ذلك من شأنه أن يدفع بميقاتي إلى مواقف غير مرتقبة أو متوقّعة، لأن ربط النزاع وتدوير الزوايا صعب المنال في هكذا أجواء وظروف غير اعتيادية.