IMLebanon

رسالة مفتوحة إلى دولة الرئيس نجيب ميقاتي

 

 

 

دولة الرئيس،

 

أجدني اليوم شديد الاقتناع بالتوجه لدولتكم برسالتي هذه، بصفتي مواطن لبناني، وضابط سابق، وبحكم متابعتي لمجريات الحياة السياسيَّة في لبنان والمنطقة العربيَّة – والاقليميَّة عامة.

ad

 

دولة الرئيس، ليس بخافٍ عليكم أن منطقة الشرق الأوسط تقبع على صفيح حار لدرجة الغليان، لا يعلم سوى الله عز وجل ساعة انفجارها، والتي يحتمل أن يكون لبنان النقطة الأضعف فيها، وبالتالي الفوهة التي قد تنطلق منها الحمم والانبعاثات البركانيَّة التي في حال لا سمح الله انفجرت ستشعل المنطقة بأسرها.

 

الإحتقان الاقليمي يا دولة الرئيس يزداد يوما بعد يوم جراء ما يجري في اليمن، والتعديات الإرهابية التي تطال منشآت حيوية في بعض الدول الخليجية، الأمر الذي لم يعد مقبولا من المجتمع الدولي ودول الخليج العربي على وجه الخصوص، والتي ستُترجم  بالمزيد من التضييق السياسي والاقتصادي والمالي على إيران لاتهامها انها تقف خلف تلك الاعتداءات، كما على حزب الله باعتباره أحد أهم أذرعها الطولى، أو الادوات التي تستعين بها لايصال رسائلها أو للتخفيف من الضغط المباشر عليها. وربما تتعدى التضييق السياسي لتصل إلى حد عمليات عسكرية محدودة ولكن نوعيَّة وموجعة.

 

كل ذلك يحصل ولبنان يتخبَّط في ظل أزمات حادة مُتشابكة نتيجة التَّقلب الحاد في الأوضاع السياسيَّة، وضعف مقومات الاقتصاد الوطني، وعدم قدرة الدولة الماليَّةِ على التدخل للجم وتير تدهر الاوضاع المعيشيَّة، وانعدام الثٍِقة في القطاع المصرفي.

 

دولة الرئيس،مما لا شك فيه أن الاوضاع المعيشيَّة والأوضاع الاقتصاديَّة والماليَّة وانهيار قيمة العِملة الوطنيَّة وضعكم ووضع حكومتكم أمام تحديات جسام، تستزف طاقاتكم وتستنزف ما تبقى لدى الدولة من إمكانيَّات ماليَّة ولوجستيَّة.

 

ناهيك عن المُستجدات السياسيَّة، والتي كان آخرها إعلان الرئيس الحريري «أحد الأقطاب السياسيين على الساحة اللبنانية» عن عزوفة عن المُشاركة في الحياة السياسية بما في ذلك الانتخابات البرلمانيَّة، والذي أرى فيه انه قرار مُتسرِّع وغير مدروس النتائج، وخاصة في شقِّه المُتعلق بعزل طائفة أساسيَّة من المكونات اللبنانيَّة، فبدت وكأنها دهوة لانتحار سياسيَّة جماعيَّة.

 

دولة الرئيس، كل ذلك وغيره من الأمور التي يصعب حصرُها دفعني للتوجه إليكم مُباشرة بهذه الرسالة الصادقة، مع علمي بكثرة مشاغلكم.

 

دولة الرئيس، إن لبنان على مشارف استحقاقٍ سياسي مِفصلي، ألا وهو الانتخابات البرلمانيَّة، والتي سيبنى على نتائجها الكثير، كما سيُصار على أساسها تحديدُ الوجهةِ التي ستؤول إليها الأوضاع السياسيَّة في لبنان، وأي خلل فيها سيؤدي حُكما إلى الإخلال بالتَّوازناتِ القائمَةِ حاليَّا، وفي الوقت عينه يصعُب الوصول في المدى المنظور إلى مُرنكزاتِ استقرارٍ جديدةٍ ثابتة ومتينة.

 

دولة الرئيس، إن حراجة الظَّرف الذي يمر فيه لبنان يتطلب وقفة مسؤولة من رجل دولة حكيم وازِن، قادرٍ على جبر الأمور قبل انفراط العقد السياسي في لبنان، وقبل انفجارِ الوضع الإقليمي، كي لا يكون لبنان أكثر من يدفع الثمن، وخشية أن تأتي الحلول على حساب وحدته واستقراره، وسيادته، وهذا يتطلب دون أدنى شك زعيما وطنيَّا صادقَ الانتماءِ للوطن، ومخلصا في الولاء له. هذه الميزات الرياديَّة أجدها ماثلة في شخصكم الكريم بحكم موقعكم الوسطي، ومواقفكم المُعتدلة وحكمتكُم الرفيعة التي تُستشفُ من دأبكم على التَّفكير مليَّا قبل اتِّخاذ القراراتِ المصيريَّة.

ad

 

دولة الرئيس، الطائفة السنيَّة اليوم ولبنان عامَّة أشبه بفُلك تعبرُ  لُجاً هائجاً مائجاً، وقد فقد بحارتها البوصلة فأضاعو السَّبيل، هي اليوم بأمس الحاجة لبحَّار  ماهر حذق،  يتولي دفة قيادتها، ويصوِّب وجهتها ويعبرُ بها إلى شاطئ الأمان.

 

وعليه أتوجَّه إليكم مُباشَرَة، مُناشِدا إياكم  لحسِّكُم الوَطني، داعيا إياكُم لحزم أمركُم في ظل هذا الظرف التاريخ، واطلاق مبادرتين متوازيتين، الاولى على مستوى الطائفة السنيَّة، والأخرى على المُستوى الوطني.

 

تقوم الأولى على ما يلي:

 

– لم شمل الطائفة وإخراجها من حالة الانكسار والانهزاميَّة التي تخيم على مُعظم أبنائها.

 

– التحضير للقاء موسَّع يضم نخبة من المفكرين والمثقفين من أبناء الطائفة من شتى المناطق الجغرافيَّة، للتباحُث في الهمومِ والتطلعاتِ المُشتركة.

 

– اتخاذ قرار جريء في ما خص الانتخاباتِ البرلمانيَّة يقضي بالمُشاركة في التَّرشُّح والاقتراع، وبلوائح كاملة على امتداد انتشار الطائفة على أرض الوطن.

 

– تفعيل دور المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى وجعل اجتماعاته دورية شهرية او فصلية، لمتابعة المسائل المستجدة التي تهم أبناء الطائفة بخاصة والأمور الوطنية عامة.

 

ثانيا: على المستوى الوطني:

 

دعوة ثلة من الخبراء الدستوريين إلى ورشة عمل دستورية تخصص لاعادة صياغة الدستور اللبناني وفق روحية اتفاق الطائف، على نحو خال من الثغرات والنصوص المطاطيَّة الحمالة الاوجه، بما يحول مستقبلا دون تعطيل المؤسسات الدستورية.

 

– دعوة ثلة من كبار الاختصاصيين الاقتصاديين والخبراء الاستراتيجيين لاعداد خطة نهوض اقتصادي متكاملة تتبناها اول حكومة تشكل بعد الانتخابات الرئاسية.

 

– دعوة ثلة من الخبراء الماليين والمصرفيين لإعداد خطة استراتيجية متكاملة لمدة عشرة سنوات كفيلة باستنهاض القطاع المالي والمصرفي مجددا، وترميم الثقة التي افتقدها.

ad

 

– تشكيل لجنة من الحقوقيين، الملمين في الامور ذات العلاقة بالحقوق السياسية لإعداد مسودة قانون أحزاب عصري وغير طائفي أو مذهبي.

 

– تشكيل لجنة من القانونيين لاعداد قانون انتخابات تشريعية يرعى انتخاب مجلسين تشريعيين متكاملي الأدوار، مجلس شيوخ (أعيان) ومجلس نواب، ينتخب أعضاء الاول على أساس طائفي- مذهبي، أما الثاني فخارج القيد الطائفي- المذهبي.

 

– تشكيل لجنة لتحديث قانون مكافحة الفساد على نحو تُقنن في متنه جميع مقتضيات مكافحة الفساد واساءة استعمال السلطة والاثراء غير المشروع، واطر مكافحتها.

 

دولة الرئيس،لم يعد مقبولا ترك الامور تسير على غاربها أو الوقوف موقف المتفرج مما يحصل، كما لم يعد مقبولا  التعامل مع المُستجدات والمسائل المطروحة وفق منهجيَّة ردات الفعل، لأن الوضع يستوجب ان تكون المبادرات ومقاربة المستجدات مدروسة وبعيدة كل البعد عن الارتجال والقرارات غير المحسوبة النتائج.

 

دولة الرئيس، وإذ ألتمس فيكم بريق أمل في إخراج لبنان من هذا النفق المظلم الذي يتخبط داخله، آمل الاستجابة لمقترحي هذا، معربا عن إني أضع نفسي بتصرفكم لاعداد البرامج اللازمة لهذا الغرض، والتحضير لهذه النشاطات دون أي مقابل.

 

ودمتم قامة وطنية حريصة على لبنان وشعبه.