IMLebanon

بعد الحريري وسلام… ميقاتي لن يخوض الانتخابات؟

 

يميل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى العزوف عن الترشّح شخصياً الى الانتخابات النيابية المقبلة، الّا أنّه سيكون له حضور انتخابي وسيدعم لوائح على مستوى الشمال. هذا على رغم من أنّ البعض كان يتوقّع أنّ قرار كلّ من رئيسي الحكومة السابقين سعد الحريري وتمام سلام بعدم الترشّح سيدفع ميقاتي الى خوض الانتخابات شخصياً، لكي لا تغيب المرجعيات السنية عن مجلس النواب المقبل.

على رغم مَيل ميقاتي الى عدم الترشّح للانتخابات النيابية الّا أنّه لم يحسم قراره بعد، ومن المُفترض أن يُعلنه في غضون نهاية الشهر الجاري، بحسب مصادر قريبة منه، إذ إنّ غالبية القوى السياسية لم تحدّد وتعلن مرشحيها وتحالفاتها بعد. وفي انتظار قراره، يعمل نواب كتلة «الوسط المستقل» على مستوى طرابلس والشمال وهناك حضور مستمرّ ومتواصل لهم، كذلك إنّ قاعدة ميقاتي الصلبة موجودة، بحسب هذه المصادر، التي تؤكد أنّه سيكون لرئيس الحكومة لوائح يدعمها وكتلة نيابية في المجلس الجديد.

حسابات ميقاتي الانتخابية لا تتعلّق بالأرقام بل تجري على المستوى الوطني، ولديه تقويمه الخاص للوضع، بحسب المصادر نفسها التي تشير الى أنّه يقوم بمجهود كبير على المستوى الوطني كرئيس للحكومة، مؤكدةً أنّ عمله السياسي مستمرّ، كذلك حجم حضوره وصيغته الوطنية التي باتت واضحة. ويقوّم ميقاتي قرار ترشُّحه للانتخابات لجهة إذا كان يساعد وطنياً أم لا، وستنجلي صورة هذا القرار بعد أن تتّضح خريطة انتخابات 2022. كذلك لا يبدو أنّ من بين حسابات ميقاتي التخوف من بروز شخصيات ومجموعات متطرّفة، وتعتبر المصادر القريبة منه أنّ الساحة الطرابلسية لن تجنح الى التطرف، على رغم اجتذاب «داعش» لعناصر وتجنيدهم في سوريا والعراق حيث قُتل أخيراً شبان من طرابلس. وتوضح أنّه صحيح أنّ هناك من يستغل الضعف المادي لجذب بعض العناصر الشبابية، الّا أنّ طرابلس لم تكن حاضنة للإرهاب تاريخياً حتى في موجات التطرف التي ضربت المنطقة، وعلى رغم ظهور بعض المجموعات المتطرّفة الّا أن لا بيئة حاضنة لها، وهذا البعض لا يشكّل شيئاً من النسيج الطرابلسي. وتشدّد المصادر نفسها على «أنّ الطائفة السنية أمة لديها امتداداتها وعمقها على مستوى المنطقة، وليست في حاجة الى التطرف بل إنّها تحتوي الجميع، والأشخاص الذين يجنحون الى التطرُّف يبقى حجمهم ضئيلاً».

الى موضوع الانتخابات، يحاول ميقاتي كرئيسٍ للحكومة حشد أكبر دعم خارجي للبنان في هذه المرحلة. وفي هذا الإطار أتت زيارته الأخيرة لتركيا على رأس وفد وزاري بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وفي حين يرى البعض أنّ ميقاتي «لم يأتِ بالمساعدة المهمة من تركيا»، تشير المصادر القريبة منه الى البحث الذي بدأ بين وزراء من البلدين لتفعيل التعاون وهذه الملفات لا تُختتم بأيام، فضلاً عن شكل الزيارة بحيث أنّ الحفاوة التي استُقبل بها ميقاتي تدلّ الى صيغة ترحيب كبيرة به. لكن الى المساعدات، إنّ هدف ميقاتي تأمين مظلّة للبنان، وتأتي زيارة تركيا ضمن زيارات لبلدان عدة سبق أن قام بها لتأمين مظلة استقرار للبلد عربية أو إقليمية، فهذا الأمر مفيد ومهمّ جداً للبنان في هذه المرحلة، خصوصاً على مستوى الاستقرار، لأن المنطقة في مرحلة تغييرات وهناك سعي لكي لا تكون تداعياتها كبيرة وسلبية على لبنان، وفق القريبين منه.

أمّا عن الانتقادات الموجهة الى الحكومة، لجهة أنّها لا تتمكّن من حلّ أي من الأزمات التي يعلق فيها لبنان والمشكلات التي يرزح تحت ثقلها المواطن، ولم تنجز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي كان يأمل المجتمع الدولي في إنجازه مع مطلع هذه السنة، تذكّر المصادر أنّ عمر حكومة ميقاتي 4 أشهر وتعذّر اجتماعها لشهرين، وأنّ هناك تراكمات كبيرة، والعمل جارٍ لإقرار الموازنة، وبعدها خطة التعافي، وعلى أساسها يُصار الى الاتفاق مع صندوق النقد، مشيرةً الى أنّ هذا التفاوض بدأ أساساً على نقاط معينة، وعلى رغم كلّ ما يُقال عن نظرة سلبية من صندوق النقد الّا أنّ هناك رسائل إيجابية منه خصوصاً لجهة توحيد أرقام المالية والخسائر. وتلفت الى أنّ الحكومة تعمل على موازنة، في ظلّ تعدُّد أسعار الصرف، وانّ اجتراح الحلول في ظلّ ذلك ليس سهلاً أبداً.

لكن البعض يعتبر أنّ تركيز المجتمع الدولي بات محصوراً بإجراء الانتخابات، وبعد إنتاج مجلس نواب جديد وبالتالي سلطة جديدة، تسير الملفات الأخرى كلّها، وذلك إمّا رهاناً على فرز الانتخابات تغييراً جديداً في السلطة وبالتالي تغييراً في ذهنية التعاطي مع الإصلاح ومع كلّ الملفات وإدارة الدولة، وإما لاعتبار أنّ حكومة ميقاتي التي تُعتبر مستقيلة بعد الانتخابات النيابية لا يمكنها في غضون أشهر قليلة إنجاز ما لم يُنجز في سنوات، وليس مضموناً أن تلتزم الحكومة التي ستخلفها ما التزمته أو ستلتزمه هذه الحكومة.

إلّا أنّ هذا التحليل الذي يفترض أن لا حلّ لأي مشكلة صغيرة أو أزمة كبيرة في لبنان قبل الانتخابات النيابية، لا يمنع رئيس الحكومة من الاستمرار في العمل وتحديداً على الموازنة والاتفاق مع صندوق النقد. وترى المصادر القريبة منه أنّ القوى الدولية لا ترغب في سقوط لبنان، وأي ضغط إضافي قد يؤدّي الى دخول البلد في فوضى، إذ إنّ البعض قد يستغلّ عدم قدرة الناس على التحمُّل بإرباكات معينة وعلى مستوى الشارع، وبالتالي إذا حصل أي تفلُّت في الوضع اللبناني لن تقتصر تداعياته على البلد بل سيطاول المحيط والمنطقة وصولاً الى أوروبا، إذ إنّ التعقيدات في لبنان كثيرة، فضلاً عن وجود اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، وبالتالي إنّ الإبقاء على الاستقرار على المستوى الإجتماعي والأمني بالحد الأدنى هو من مصلحة الجميع.