حملت الزيارتان اللتان قام بهما الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إلى القصر الجمهوري في بعبدا، حيث سلم أولا التشكيلة الحكومية الأولى أو مسودة حكوته العتيدة، ثم بادر إلى مناقشتها ثانياً، مؤشرات بالغة الوضوح على صعوبة المرحلة المقبلة على المستوى السياسي الداخلي، حتى ان مصادر سياسية واسعة الإطلاع، وصفت الحركة المكوكية لميقاتي، بأنها لن تؤدي بالضرورة إلى أي تقدم على صعيد ولادة الحكومة العتيدة، بل على العكس قد عكست ومن خلال المواقف السياسية وردود الفعل على التشكيلة الحكومية، أن هناك صعوبة، إن لم يكن استحالة لأي تقاطع في المقاربات الحكومية ما بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف، على الرغم من أن 80 في المئة من الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة أتت مستنسخة عن حكومة تصريف الأعمال الحالية.
لكن الرئيس المكلف، ووفق المصادر المطلعة، قد بادر إلى اعتماد نتائج الإستشارات النيابية وإن كانت غير ملزمة، وهو ما برز من خلال التعديلات الطفيفة التي تناولت وزارات الطاقة والإقتصاد والمال والصناعة والمهجرين. وتجزم هذه المصادر أن ميقاتي، قد استمع من نواب «القوات اللبنانية» و»الكتائب» و»التيار الوطني الحر» و»التغيير» ، إلى رؤيتهم للحكومة المقبلة، وفي الوقت نفسه أبلغوه بقرار الإمتناع عن المشاركة. وبالتالي، فإن خطوة ميقاتي وتصوره الحكومي الأولي، برغبتهم بعدم المشاركة في الحكومة، تتناغم مع توجهات النواب، وإن كانت الإستشارات غير ملزمة، على حد قول المصادر المطلعة نفسها، حيث ان ما واجهته التشكيلة الحكومية المسرّبة بعد ساعات معدودة من تقديمها إلى رئيس الجمهورية، قد قوبل بهذا التفسير والردّ من قبل الرئيس المكلّف وأوساطه.
لكن ما بعد التشكيلة والإجتماع الثاني بين الرئيسين عون وميقاتي من الصعب التكهّن به، كما تكشف المصادر الواسعة الإطلاع، موضحةً أن التوازنات داخل أي صيغة حكومية، يجب أن تبقى قائمة، وهذا الأمر يدركه كلّ المعنيين بالإستحقاق الحكومي، كما أن الرئيس المكلف نفسه يدرك هذا الواقع، وبأن أي معادلة حكومية لا تضمن هذا التوازن، لن تكون مقبولة من رئيس الجمهورية، بصرف النظر عن كل الإعتبارات الأخرى، وبمعزلٍ عن المواقف المعلنة من عملية تشكيل الحكومية، وعلى وجه الخصوص موقف «التيار الوطني الحر» الذي رفض المشاركة وامتنع عن تسمية ميقاتي لتأليف الحكومة.
لذا، تضيف المصادر نفسها، فإن المبادرة اليوم قد تكون في ملعب بعبدا، ولكن في الوقت نفسه فإن المسؤولية تقع على الرئيسين عون وميقاتي، من أجل التوصل إلى تفاهمات وتشكيل حكومة في لحظة داخلية بالغة الحساسية على كل المستويات. ولذا فإن اجتماع الأمس قد شكّل الخطوة الأولى في طريق التواصل والنقاش، ولكن من دون أن يتمّ تسريب أي معلومات عن مستوى التنسيق الجاري.