Site icon IMLebanon

حان وقت الاعتذار

 

التأجيلات المتتالية من يوم إلى آخر للّقاء بين رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة المكلّف لن تستطيع أن تبقي على حِيَل التّناغم بينهما في الاتفاق على الصيغة النهائية لشكل الحكومة. هذا إن كانت هناك حكومة، الساعات المقبلة لموعد اليوم كفيلة بفضح النيات التقليديّة عند اختبار تشكيل الحكومات، خصوصاً وأننا أمام عهد أثبت أنّه ومنذ اللحظة الأولى ترك زمام تشكيل الحكومات أو تعطيل تشكيلها للصهر المدلّل، فلم تختلف الأمور كثيراً عمّا كان عليه الحال أيام معزوفة “صهر الجنرال”، خصوصاً وأنّ هذا الصّهر من رابع المستحيلات أن يسمح بخروج ملفّ الكهرباء ووزارة الطاقة من يدِه إلا إلى يد مستشاريه، أو ترك الثّلث المعطّل يُفلت من يده!!

 

أثناء أداء الرئاستيْن الأولى والثالثة مشهدهما المسرحي لغسل اليديْن من لعبة تعطيل تشكيل الحكومة، وهي لعبة موصوفة ومعروفة ومحفوظة عن ظهر قلب في لبنان، الوقت لم يعد متاحاً فأيّ حكومة ستكون قادرة على حلّ جبال العقد السوداء التي تواجه مصير الانهيار التامّ الاقتصادي والمالي والاجتماعي والانساني خصوصاً مع طبقة من السياسيّين الفاسدين الّذين يتولّون هم أنفسهم مهمة تركيب الحكومة المنتظرة وغير المنتظرة؟!

 

المخاوفَ المتشائمة التي تتمادى في ملء نهار وليل أي مواطن لبناني خصوصاً مع عودة ممارسة خيالات المحاصصة الوقحة، بعدما بات الجميع على يقين أنّ ما يحدث هو “فرطٌ للبلد” و”إجهازٌ” عليه لصالح أجندة إقليميّة يُطبّل ويُزمّر لها هذه الأيام عبر باخرة المحروقات الإيرانيّة الآتية لتستجلب المزيد من العقوبات والحصار على لبنان، فما يفعله حزب الله اليوم في لبنان هو نفس ما كان يفعله النظام السوري الذي اختطف “الورقة اللبنانيّة” ليستغلّها في مفاوضاته مع إسرائيل بعد مؤتمر مدريد عام 1993 تحت عنوان “وحدة المسار والمصير”، اليوم وتحت عنوان المقاومة والممانعة “يختطف النظام الإيراني لبنان ورقة يضغط بها على الأميركي”، ما نعيشه على وجه الحقيقة مواجهة طاحنة بين طهران وواشنطن يُداس فيها الشعب اللبناني عن بكرة أبيه!!

 

لن يُجدي هدوء الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، ولا القلم بممحاة في جيبه، ولا تأجيل مواعيد صعوده إلى قصر بعبدا، ولا الودّ المفتعل بين العهد وبينه، ولا التدخّل الفرنسي لكبح قرار اعتذاره عن تشكيل الحكومة. كلّ هذه مجتمعة لن تُـجدي ولن تُفضي إلى مفارقة العهد لسلوكه المستمر في المخادعة والتعمية على تعطيله عمليّة تشكيل الحكومة، آن للرئيس المكلّف أن يفهم أنّ الوقت قد حان لخروجه أمام الشاشات وإعلان اعتذاره عن تكرار هذا المشهد المملّ لعمليّة تشكيل يدرك الجميع أنّ صاحب قرار الحلّ والرّبط فيها هو صهر العهد، وأنّ كليهما لا يريدون حكومة ولا من يحكمون!