IMLebanon

الناقورة 2: حدود لبنان تخترق حقل كاريش بالقانون الدولي

 

تعقد في الأسبوع المقبل الجولة الثانية من المفاوضات بين لبنان والعدو الاسرائيلي حول ترسيم الحدود البرية والبحرية، فيما اقتصرت الجولة الاولى على الشكليات ووضع اللوجستية اللازمة لاجراء المفاوضات مثل موقع كل وفد وموقع الراعي الدولي والوسيط الاميركي وكلمات افتتاحية.

 

اعتباراً من الجولة الثانية من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، تبدأ مهمة الوفد اللبناني التي يعوّل عليها الرأي العام اللبناني من أجل استعادة حقوق لبنان في حدوده البرية والبحرية وثرواته الغازية، لا سيما بعد أن حدّدت قيادة الجيش أسس المفاوضات ووافق عليها رئيس الجمهورية. ومن أبرز هذه الأسس أن المفاوضات تهدف «إلى ترسيم الحدود البحرية على أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً والممتد بحراً تبعاً لتقنية خط الوسط دون إحتساب أي تأثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة، وذلك إستنادا إلى دراسة أعدتها قيادة الجيش وفقا للقوانين الدولية»، كما جاء في بيان المؤسسة العسكرية.

 

ماذا تعني هذه الأسس المنتظر أن يعرضها الوفد اللبناني في الجلسة المقبلة؟

 

يُفهم مما ورد أعلاه أن خط الحدود البحرية ينطلق من نقطة رأس الناقورة، وهي النقطة المحددة في إتفاق ترسيم الحدود الذي أجراه الإنتداب البريطاني على فلسطين والانتداب الفرنسي على لبنان عام ١٩٢٣والذي عرف باتفاق بوليه نيوكامب. هذا الإتفاق رسّم الحدود البرية إستناداً إلى نقطة أساس على البحر، وهي رأس الناقورة وقد سجل هذا الترسيم في عصبة الامم ومن بعدها في الامم المتحدة.

 

والجدير بالذكر أن نقطة رأس الناقورة هي غير النقطة B1 المحددة في إتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان وإسرائيل عام ١٩٤٩. فالنقطة B1 تقع على البر فيما نقطة رأس الناقورة تلامس مياه البحر. أما في اتفاقية الهدنة (1949)، فقد تم تحديد خط هدنة يتوافق بمعظمه مع خط الحدود الدولية، لكن خط الحدود الدولية حسب القانون الدولي هو خط بوليه نيوكامب الذي ينطلق من رأس الناقورة.

 

انطلاقاً مما صدر عن قيادة الجيش اللبناني، ينطلق خط الترسيم من نقطة رأس الناقورة ويمتد بحراً، حسب تقنية خط الوسط، من دون حساب تأثير الجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة، والمقصود بالجزر هو صخرة تخيليت التي يعتبرها العدو جزيرة ويبلغ طولها ٧٠ مترا وعرضها ٤٠ مترا وهي غير مأهولة وتقع على مسافة ١٨٠٠ متر جنوب نقطة رأس الناقورة وعلى مسافة ١٠٠٠ متر من البر.

 

حسب القانون الدولي لا يمكن إعتبار صخرة تخيليت جزيرة لأنها غير مأهولة ولأن المياه تغمرها طوال الشتاء. لذلك، أعدت قيادة الجيش دراسة استناداً الى القوانين الدولية لا سيما اتفاقية قانون البحار لعام ١٩٨٢ التي وقع عليها لبنان ولم يوقع عليها العدو الاسرائيلي.

 

تضمنت الدراسة إشارة واضحة إلى أن خط الترسيم يمتد ليشمل مسطحاً مائياً مساحته ١٤٣٠ كيلومتراً مربعاً اضافياً الى المسطح الذي يصل للنقطة ٢٣.

 

ويرتقب ان يعرض المفاوض اللبناني هذا الخط، كما جاء في بيان قيادة الجيش، وهو خط يستند الى قانون البحار، ومن شأنه ان يقطع حقل كاريش الذي تعاقدت شركة نوبل الاميركية  مع العدو الاسرائيلي على حفره واستثماره (لاحقاً اشترت شركة شيفرون شركة نوبل في صفقة مبادلة أسهم). بهذا المعنى، يقع حقل كاريش في منطقة متنازع عليها مع ما يرتب ذلك من تبعات على إلتزامات شركات عالمية للتنقيب على النفط والغاز في منطقة متنازع عليها.

 

«هل يتابع الوسيط الاميركي موافقته على الموقف اللبناني بأن يوافق على طرح الوفد اللبناني المفاوض فيضغط على العدو الاسرائيلي ليقبله كما قبل إتفاق الاطار، أم يماطل ويحاول الضغط على الوفد اللبناني لتعديل موقفه؟»

 

وهنا التحدي الذي سننتظر كيف سيتعامل معه الراعي الدولي. على وفد الأمم المتحدة الموجود في قاعة المفاوضات أن ينحاز إلى القانون الدولي الذي تعتمده منظمة الامم المتحدة التي يمثلها، اي قانون البحار. يسري ذلك أيضاً على الوسيط الأميركي الذي يلعب هو الآخر دور «المسهل». عليه، يتوقف نجاح المفاوضات والأفق الزمني للتوصل الى نتيجة، على مدى تجاوب الراعي الدولي والوسيط الاميركي مع الطرح القانوني الجانب اللبناني في ما يتعلق بترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر.

 

الجانب الاميركي الذي استمر نحو تسع سنوات ينقل شروطاً إسرائيلية متشددة مثل التفاوض المباشر وفصل الترسيم البري والبحري ورفضها كلها المفاوض اللبناني الرئيس نبيه بري، عاد ووافق على موقف لبنان المتمسك بحقوقه. السؤال المطروح: هل يتابع الوسيط الاميركي موافقته على الموقف اللبناني بأن يوافق على طرح الوفد اللبناني المفاوض فيضغط على العدو الاسرائيلي ليقبله كما قبل إتفاق الاطار، أم يماطل ويحاول الضغط على الوفد اللبناني لتعديل موقفه؟ تتوقف سرعة التوصل الى نتيجة الترسيم على جدية وسرعة الوسيط الاميركي ومدى إلتزامه بأحكام قانون البحار.

 

اما الحدود البرية فيتفق الجميع على أنها ليست بحاجة لتفاوض بل لإسقاط خط الحدود الدولية وفقا لاتفاقية بوليه نيوكامب عام ١٩٢٣ والمسجلة في الأمم المتحدة على أرض الواقع وانهاء ما يسمى بـ«الخط الازرق»، وهو أساساً «خط انسحاب» وليس خط حدود.