IMLebanon

النصرة» تصفّي المستحقات المالية لمقاتليها

يجمع الخبراء العسكريون على ان ما يحصل في جرود عرسال، يشكل المرحلة الثانية من الحرب التي اطلقتها القيادة السورية بالتعاون مع حزب الله لتطهير الحدود اللبنانية – السورية، واقفالها بالكامل، وتحقيق عملية الفصل بين الجماعات الموجودة في الزبداني جنوباً وتلك الموجودة في جرود عرسال ورأس بعلبك شمالا، في استراتيجية تأمين العاصمة دمشق من ناحية خاصرتها الضعيفة، وسط حديث عن اتجاه لحسم الامر مع «جبهة النصرة» خلال الساعات الثماني والاربعين القادمة.

فمنذ بدء العمليات العسكرية على طول السلسلة اللبنانية، تمكن الحزب من السيطرة على 225 كلم مربع من مساحة جرود يونين، نحلة وبعلبك، بينها 110 كلم مربع في جرود عرسال اللبنانية، فيما توزعت المساحة الاخرى في جرود بريتال ونحلة، كما تمكن من تحرير 287 كلم مربع في القلمون السورية من ضمنها 50 كلم هي مساحة جرود فليطة بالتعاون مع الجيش السوري، في حين تبقى جرود كل من الجراجير وقارة، ما يعني عمليا تحرير أكثر من نصف المساحة التي كانت تنتشر فيها « النصرة»، التي خسرت حوالي 90% من مواقعها، و«داعش» الذي ما زال يحتفظ بمناطق الشاحوط، وادي نورالدين، خربة داوود، أودية مرطبيا وميرا والمير علي، عين القريص، مرطيسا، حورتا، طاحون الهوا، شبيب وصفا الأقرع وصولاً إلى مشارف المناطق العليا من الحد مع وادي حميد، الذي باتت خط التماس بين النصرة وداعش مع الجيش اللبناني.هكذا اصبحت المساحة الاجمالية التي تم تحريرها 512 كلم مربع من أصل 800 كلم مربع اي ما نسبته 64% من المساحة التي سبق للتنظيمين احتلالها، فيما المساحة الاكبر المتبقية تقع في جرود عرسال الشمالية.

المعلومات الميدانية تفيد بان «جبهة النصرة» نجحت في اختراق مناطق سيطرة «داعش»، بالتحديد شمال جرود عرسال في المنطقة الممتدة بين خربة يونين وسرج العجرم ووادي النضام. وفي المعطيات، بعد معارك بين الطرفين خلال اليومين الماضيين، حيث تمركزت مجموعات مقاتلة من «الجبهة» في تلك المنطقة التي تقع على حدود أعالي مدينة الملاهي في وادي حميد، ما يزيد المخاوف من فرار مسلحيها وتسللهم ليلاً نحو مشاريع القاع في ظل إعادة تموضع مسلحي «داعش» تمركزهم نحو أعالي جرود عرسال والقلمون السورية بعدما تمكن الجيش اللبناني من شل حركتهم في الجرد المنخفض عندما سيطر على تلتي الحمرا وأم خالد في جرود رأس بعلبك.

في هذا الاطار اكدت مصادر وزارية وسطية الى ان الضغط الميداني الذي بدأ الجيش يتعرّض له في عرسال لا يحتمل أي تعطيل في هذه المرحلة، وبالتالي فإن الجيش يحتاج الى مظلة وطنية جامعة تعطيه الدفع لحسم الامور بأقل قدر ممكن من الخسائر، رغم تعهدات فعاليات عرسال على اختلافها بان سيناريو العام الماضي لن يتكرر، مشيرة الى نفي المصادر العسكرية بشكل قاطع المعلومات المتداولة عن تمكن المسلحين من اختراق الطوق الامني الذي يفرضه الجيش وتمكنهم من دخول مخيّمات النازحين في عرسال، لافتة إلى ان حركة الفرار المسجلة تمت الى مخيّمات في الجرود لا تقع تحت السيطرة الأمنية اللبنانية، مشيرة الى ان استراتيجية الجيش الخاصة في منعِ تمَدّد الإرهاب نجحت، حيث يعتبر لبنان البلد الوحيد في المنطقة الذي هزَم «داعش»، متحدثة عن وجود تناغم وتنسيق معلن ومستتر بين قادة الأجهزة الأمنية كافة، إذ أنها لا تترك شكاً حول أي معلومة أمنية يتم تداولها، فتربط الشك باليقين منعاً لترك أي ثغرة يمكن استغلالها أمنياً في شكل سيء.

ووسط استغراب مصادر عسكرية لسرعة تقدم حزب الله وسيطرته على القلمون وعلى جرود عرسال، ما يطرح علامات استفهام حول قوة الحزب، الذي اتخذ اتخذ قرارا استراتيجيا ونهائيا بإحكام سيطرته على جرود عرسال، تاركا للجيش اللبناني مهمة الإمساك بأمن البلدة الامر الذي اثار فضول الملحقين العسكريين في بيروت، وسط المخاوف من تدهور دراماتيكي، بحسب مصادر سياسية، في ملف العسكريين الاسرى على وقع تضييق الخناق على مسلحي «النصرة» في المربع الاخير الذي يتواجدون فيه، بعدما اوشك الحزب على اقفال الحدود اللبنانية – السورية تماما، باستثناء بعض المنافذ القليلة التي يستخدمها المسلحون ليلا بمجموعات صغيرة باتجاه بلدة عرسال ومخيمات اللاجئين المحيطة بها.

ومع تراجع «النصرة» عن وعودها وقرارها بالإحتفاظ بالاسرى العسكريين للربع الساعة الأخير، ربّما لكي تفاوض على أرواحهم في الميدان في حال تمّ حشرها في زاوية ضيّقة، برزت المعطيات التالية:

– نشر صور بعض العسكريين الاسرى، على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يحملون السلاح، في خطوة رأت فيها المصادر ضغطا على الدولة اللبنانية عبر الأهالي لتحريك المفاوضات أو فرض شروط جديدة، في جولة ابتزاز جديدة، وسط التساؤلات عن سبب حصر القتال بالعسكريين المسيحيين والدروز؟ ولماذا لم يشارك كل العسكريين في هذه المعركة؟

– زيارة عائلة العسكري جورج خوري له في الجرود، للتأكيد على ان العسكريين لا زالوا في الجرود، خاصة ان صورة خوري لم تظهر مع رفاقه، بعد دعوة من النصرة واذن من مخابرات الجيش بالتنسيق مع الشيخ مصطفى الحجيري، الذي اتهمته مصادر في 8 اذار بايوائه لابي مالك التلي في منزله داخل عرسال مع اثنين من أبرز قادة التنظيم، أحدهما المدعو أبو صهيب الذي كان يتولّى المفاوضات في ملف العسكريين، وهو ما نفته مصادر عسكرية عليمة، كاشفة ان رسائل وصلت من جهات اقليمية تفيد بان ابو مالك التلي اجرى مشاورات مع عدد من المسؤولين في تنظيمه ومن عرسال، قرر في ضوئها عدم خوض مواجهة مع الجيش اللبناني، فاتحا خطا للمفاوضات عبر وسطاء، بهدف تأمين ممر آمن لمن يرغب من مجموعاته بالمغادرة باتجاه الشمال السوري كذلك تامين عائلاتهم عبر عرسال، عزز هذه الفرضية تصفية الجبهة الرواتب والحسابات المالية لمقاتليها، بعدما تركت لهم الخيار بالالتحاق بـ «داعش» او المغادرة باتجاه الداخل السوري في حال نجاح المفاوضات.