أجهض «مُؤامرة» إسقاط الحكومة.. ويــتدرّج في كشف «الأوراق»
البخاري يـُــطـــالب السفيرة الأميركيّة بتوضيحات حول الــدور الـتــركـي…؟
لم يكشف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كامل اوراقه في اطلالته التلفزيونية الاخيرة، هو لاعب «شطرنج» حريف، اظهر للاميركيين صلابة موقفه غير القابل للتفاوض او التراجع مهما كانت الضغوط كبيرة «وثقيلة»، اعلن الجهاد الزراعي والصناعي كخطة طويلة الامد للمواجهة، مدركا ان ما قدمه خطة استراتيجية تحتاج لسنوات كي تتظهر نتائجها العملية، لكنه ابقى غموضا بناء على طبيعة «نقلته» المقبلة، لكنه ابلغ الاميركيين بالنتيجة: عدم الرهان على الوقت، نصحهم «بالاستسلام» المبكر لان النتائج ستكون عكسية، وسيكون حلفاؤهم اول المتضررين..
اوساط بارزة معنية بهذا الملف، تؤكد ان حزب الله لا يملك حلولا سحرية للازمة الاقتصادية الخانقة التي يمر فيها لبنان، ومن ينتظر من السيد نصرالله اجراءات عملانية تعيد الدولار الى «قواعده» السابقة، وتعيد عجلة الاقتصاد الى «الدوران»، وتعيد الرفاهية «الكاذبة» للشعب اللبناني الذي اوهم بها من قبل «عصابة» حكمت البلاد من عشرات السنوات، فهو اما جاهل، او متحامل على الحزب الذي يتحمل جزءا من مسؤولية التدهور الحاصل «بتغطيته» لحلفاء يصرون على تحقيق المكاسب الطائفية، والمصلحية، والزبائنية، لكنه ليس في موقع يسمح له في «قلب الطاولة» على الجميع سواء كانوا معارضة «مستجدة» او «غالبية» لا تزال غارقة في «محاصصة» اجهضت التجربة الحكومية الحالية في «مهدها»… فهذا «الانقلاب» لا تتوفر ظروفه الداخلية والاقليمية ودونه صعوبات كبيرة، لا يستطيع الحزب تحمل تكاليفه لانه سيؤدي حكما الى «الفوضى» الامنية، ولذلك سواء كان يريد الحزب الاستدارة الى محاسبة جادة في الداخل او لم يرد، فانه غير قادر على ذلك، وكل كلام آخر «تضييع للوقت والجهد»..
وفي هذا السياق، قدمت واشنطن «خشبة الخلاص» لكل الطبقة السياسية الفاسدة في لبنان بعدما حولت الازمة الناجمة عن تراكم السياسات الخاطئة، والسرقة الموصوفة المستمرة حتى يومنا هذا، الى معركة خارجية تخوضها نيابة عن التحالف الاقليمي الواسع المعادي لايران، لاضعاف حزب الله من خلال «خنق» البلاد اقتصاديا، ودفعه الى «الانهيار»، وذلك بعد سنوات من «التسامح» المريب مع تلك الطبقة التي كانت تمنح بين الفينة والاخرى بعضا من «الاوكسيجين» لكي تستمر في التحكم بمصير البلاد على الرغم من فسادها، فهل كانت واشنطن غير عالمة بفساد هؤلاء؟ وهل استفاق المجتمع الدولي فجاة على وجود «حرامية» يحكمون البلد؟ طبعا لا، واشنطن كانت معنية بتغطية هؤلاء، والان حان وقت استغلال ما «اقترفت ايديهم» في المعركة المفتوحة مع حزب الله…
وفي هذا الاطار، انتقلت المواجهة الى مرحلة جديدة من لعبة «عض الاصابع»، والادارة الاميركية الحالية تلعب دون «قفازات» في المنطقة وعلى الساحة اللبنانية، وليس معروفا تماما حجم هذا «الكباش» الجديد، وادواته، ومداه الزمني، فالاشهر الاربع المتبقية قبل الاستحقاق الانتخابي الاميركي قد لا تشهد «التسوية» الموعودة بين واشنطن وطهران، والتصعيد الميداني على الاراضي الايراني يوحي بأن المواجهة تتدحرج تصاعديا، ولا سقف زمني لها، لان احدا لا يستطيع التكهن بنتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية، ولا يوجد ما يوحي بأن «طاولة» المفاوضات جاهزة…
وامام هذه المعطيات، يعمل السيد نصرالله بشكل ممنهج لمواجهة هذا التحدي الجديد، ولان هذه «المبارزة» تقع على عاتقه شخصيا نتيجة قوة تاثيره ومصداقيته، في ظل ضعف «الاعلام المقاوم» القاصر عن اداء مهماته، فهو «يقسط» اطلالاته على نحو مدروس مواكبا التصعيد الاميركي «خطوة بخطوة»، وهو في خروجه الاول على الاعلام نجح بتعرية الموقف الاميركي بتحميله مسؤولية التدهور الاقتصادي، واضعا على «الطاولة» خيارات بديلة استفزت الطرف الآخر ودفعته الى «الاستنفار» واستعجال طرح «ورقة» استبدال الحكومة، ما ادى الى «حرقها» في «مهدها»…
بعدها اكتشف الاميركيون انهم خسروا «الجولة» الاولى بفعل ضعف حلفائهم في بيروت، وفي غياب «الحاضنة» الاقليمية الخليجية، فتحركت السفيرة الاميركية دوروثي شيا باتجاه السفارتين السعودية والامارتية لاستكشاف طبيعة موقفهما «البارد» اتجاه الاحداث المتسارعة لبنانيا، فاكتشفت ان الرياض لا تملك اي استراتيجية واضحة للتعامل مع هذا الملف، في اللقاء مع السفير الوليد البخاري فوجئت بسؤاله حول حدود تغطية واشنطن للدور التركي المستجد بقوة على الساحة اللبنانية، لكن سؤاله بقي دون جواب اميركي واضح، في ظل استياء وشكوك سعودية بتعاون اميركي – تركي في لبنان.. الا ان السفير السعودي وعد بالقيام بعملية «استطلاع» لمحاولة فهم طبيعة الموقف قبل رفع تقرير الى الخارجية السعودية، كما وعد بزيادة الدعم العلني لمعارضي حزب الله، وكان آخرها زيارته للبطريرك بشارة الراعي بعدما طالب بحياد لبنان واستعادة الشرعية…؟ في المقابل فهم الاميركيون ان الامارات لا ترغب في توتير العلاقات مع طهران بعدما توصل الطرفان الى نوع من التفاهمات الضمنية اخرج ابوظبي من دائرة الردود الحوثية الصاروخية…
وفي اطلالته الاخيرة، لفت السيد نصرالله نظر الاميركيين الى ان «الجولة» الاولى انتهت دون تحقيقهم اي نتائج سياسية، ونصحهم بانهاء «الكباش» في اقل وقت ممكن تجنبا لخسائر اكبر، «ولوح» ببدائل جديدة دون ان يكشف عنها على المستوى الاقتصادي، وهو يمارس الان «لعبة» الشطرنج» مع واشنطن فهو حرك «حجره» وينتظر الخطوة الاميركية المقبلة «ليبنى على الشيء مقتضاه»، ووفقا للمعلومات، ثمة ورشة اقتصادية كبيرة داخل حزب الله، والاتصالات مع الايرانيين وصلت الى مراحلها الختامية، والاجهزة الايرانية المعنية حصلت على «الضوء الاخضر» من المرشد العلى للثورة السيد علي خامنئي لتقديم ما يلزم للبنان في مواجهة الحصار الاميركي، وثمة تواصل مثمر مع دمشق، «وطرق» «لابواب» موسكو، وهنا كان السيد واضحا في كلامه عندما توجه للاميركيين بالقول انكم ستخسرون من معكم والجميع سيتوجهون «شرقا»…؟
الان يبدو لبنان في «قلب العاصفة»، واشنطن مستمرة بالتصعيد، وحزب الله لن يستسلم، بالامس جاء قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي الى بيروت في «رسالة» دعم واضحة للجيش اللبناني، رافعا سقف الضغوط عبر التاكيد ان الساحة اللبنانية «حيوية» جدا للاميركيين، في المقابل استقبله انصار المقاومة بتظاهرة احتجاجية في المطار، لابلاغه بانه شخص غير مرغوب به هنا… وفي هذا السياق، ستتضح خلال الايام المقبلة طبيعة «النقلة» الاميركية الجديدة، سواء لجهة دور حلفائها في الداخل وفي الاقليم، وسيعود السيد نصرالله الى «الظهور» مجددا، وسيكون هناك رد على الخطر الاسرائيلي بعد القرار ببدء التنقيب عن الغاز قرب المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، وللمرة الالف سيقول لمن يعنيهم الامر ان «اللعب» مع حزب الله خطر، ولن تنتهي بـ«كش ملك»…