Site icon IMLebanon

نـصرالله يُعيد «الكـــرة» الى ماكرون ويُسجّل في «مرمى» نتانياهو

ما هو «السيناريو» الاسوأ الـذي اجهضه حزب الله حكومياً…؟

 

لم يقطع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «شعرة معاوية» مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، جاراه في «وهم» بقاء المبادرة الفرنسية على «قيد الحياة»، وقدم له نصائح واضحة حول «الطريق الامثل» لاعادة احيائها من جديد، مع علمه المسبق ان باريس عاجزة عن تجاوز «الالغام» الاميركية، وعاجزة ايضا عن الخروج من تلك «العباءة» التي حاول ماكرون استخدامها لاضعاف الحزب عبر «القوة الناعمة»، لكن بوضوح، وهدوء، وصرامة، ابلغ السيد نصرالله من يعينهم الامر انه «هيك ما بيمشي الحال»، لسنا ضعفاء، نفهم جيدا دقة الوضع الداخلي والاقليمي ومخاطره، نتعامل معه بحذر، ولكن هذا لا يعني الاستسلام، عليكم تغيير شروط «اللعبة» والا كل ما تفعلونه تضييع للوقت والجهد، وهذا يعني ان «الكرة» الان في «ملعب» الرئيس الفرنسي، فاما يثبت جدارته او يستسلم لضعفه؟

 

واذا كان السيد نصرالله «رحيما» في الشكل مع ماكرون، فانه لم يكن كذلك مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الذي تعرض لـ«نكبة» اعلامية غير مسبوقة حين خسر خلال دقائق معركة التحريض على الحزب دوليا، ومحليا، فبعدما ظن ان نصرالله لن يتراجع عن موقفه السابق بعدم تنظيم زيارات اعلامية للمواقع المستهدفة بالتضليل الاسرائيلي، جاءت المفاجأة من حيث لم يكن يحتسب، وتحولت الاكذوبة الى فضيحة بعدما «حج» الاعلام المحلي والغربي الى منطقة الجناح ليكتشف حجم التضليل الاستخباراتي الاسرائيلي والذي حاول نتانياهو تسويقه امام الامم المتحدة.

 

وبحسب اوساط معنية بهذا الملف، فإن خطوة المقاومة ليست فقط لقطع الطريق امام استغلال اسرائيل لمخاوف اللبنانيين من تكرار «كارثة» المرفأ، وخلق مناخ معاد للمقاومة عبر اتهامها بتخزين الاسلحة في الاماكن السكنية، بل لخلق وعي جماعي عام لدى المجتمع الدولي والمحلي لنفي اي مزاعم لاحقة من هذا النوع، خصوصا ان اسرائيل كانت قد تلقت قبل اسبوع «صفعة» مماثلة من الخارجية الفرنسية التي نفت مزاعمها عن تخزين حزب الله «للامونيوم» في اوروبا وفرنسا.

 

وفي هذا السياق، تلفت تلك الاوساط، الى ان السيد نصرالله فضل عدم التوسع عند حديثه عن ضرورة التواجد في الحكومة لحماية «ظهر المقاومة»، لكن مخاوفه ليست عبثية او مجرد اوهام، واذا كان السيد قد ذكر بقرارات حكومة فؤاد السنيورة في الخامس من ايار عام 2008القاضية بنزع سلاح الاشارة التابع للمقاومة، وايجاد الارضية المؤاتية للصدام مع الجيش، فان ما لم يقله في كلمته بالامس يرتبط بضغوط جدية تجري على مساحة العالم العربي لتمرير «التطبيع» مع اسرائيل تحت عنوان «الواقعية»، ولبنان واقع تحت هذه الضغوط، واذا كان ثمة من يقول ان في الامر مبالغة ولا يمكن لاي حكومة مهما بلغ شأنها الذهاب في هذا الاتجاه، يأتيك الرد من تلك المصادر بالتذكير بما حدث في العام 2008، عندها كان الجميع يعرف جيدا موازين القوى لكن كان الافتراض الخاطىء حينها بأن حزب الله لن يجرؤ على استخدام سلاحه في الداخل، ولن يغامر بمواجهة المؤسسة العسكرية، فكانت المفاجأة «بتكتيكات» غير منتظرة في السابع من ايار،اجهضت المشروع بالتنسيق مع الجيش.!

 

والان ليس الخوف من تمرير «التطبيع» «رغم انف» حزب الله، لكن الحسابات الخاطئة داخليا وخارجيا، قد تدفع بالحكومة التي كان يؤلفها من قبل رؤساء الحكومة السابقون بدعم اميركي- خليجي، الى اتخاذ قرارات متهورة تدفع الواقع اللبناني الى مواجهة داخلية تريدها واشنطن ومن معها ان تكون دموية بما يضعف موقف حزب الله، ويدخله في حرب استنزاف، وبعدها يتدخل المجتمع الدولي تحت عناوين واهية لحماية «محبي السلام»، وتكون اسرائيل «العصا الغليظة»، وهذا هو السيناريو الاسوأ الذي يخشاه الحزب، ولا يريد خلق المناخات المساعدة لتنفيذه عبر تعميم الفوضى الداخلية التي حاول البعض تمريرها بالضغط على رئيس الجمهورية للتوقيع على حكومة «كيف ماكان».

 

وفي هذا السياق، تدعو تلك الاوساط اللبنانيين الى مراقبة ما يجري على الضفة الفلسطينية، والاردنية، فالسلطة اليوم تعيش تحت ضغط هائل، وبدأ الاميركيون يتحدثون صراحة عن توجه تدعمه دول الخليج لتغيير القيادة الفلسطينية الرافضة «لصفقة القرن» وتعيين محمد دحلان رئيسا للسلطة، باعتباره مستشارا لدى محمد بن زايد، واكثر المتحمسين للتمشي مع الرغبات الاميركية -الاسرائيلية بانهاء القضية الفلسطينية دون القدس، ودون عودة اللاجئين، ودون الاعتراض على ضم اسرائيل 30 بالمئة من الضفة الغربية، وغور الاردن، وقد كشف السفير الاميركي في كيان العدو، ديفيد فريدمان لاذاعة الجيش الاسرائيلي ان المشروع لم يلغ، وانما تأجل لعام واحد، وذلك على عكس الادعاءات الخليجية.

 

وبالتزامن مع الضغوط على الساحة اللبنانية والفلسطينية، يتعرض الاردن ايضا لمحاولة واضحة «للي ذراع» الملك، وقد اثار اعلان الوزير الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش بعد اجتماع في عمان بحضور مصر ودول أوروبية، عن «ليونة» من جانب الحكومة الأردنية ، الكثير من علامات الاستفهام في الشارع الاردني الذي يغلي على وقع القلق من اعلان غور الأردن وفلسطين حدودا لدولة الاحتلال، ما يدخل البلاد في صراع داخلي خطير… فيما قدمت السعودية «اغراءات» بتقديم عشرات آلاف من الوظائف للأردنيين في مدينة نيوم وفي مشاريع سكة القطار والحديد للشحن الاقليمي وفي الربط بين ميناء أسدود لنقل الغاز إلى تبوك، وذلك مقابل القبول بالامر الواقع .

 

طبعا لا يمكن عزل لبنان عن محيطه، والضغوط الاقتصادية الحالية جزء من تلك الحملة، وما يجري من حولنا خطير للغاية، فالمنطقة امام تحولات استثنائية، تقول تلك الاوساط، وامام هذه المخاطر، لا يرغب السيد نصرالله في زيادة التوترات الداخلية، وليس في نيته «التسخين» مع احد، حافظ على مسافة مع الفرنسيين، مع التاكيد على «الصلابة» في الموقف، لكن هدوءه يخفي الكثير من «الغضب» اتجاه بعض القوى السياسية اللبنانية التي لا تقرأ جيدا موازين القوى، وقبلت مرة جديدة ان تكون «اداة» في لعبة تتجاوز قدراتها على التحمل اذا ما قرر الحزب في لحظة استثنائية «قلب الطاولة» على كل من يعمل في السر والعلن على محاولة اخذ لبنان الى «الضفة» الاخرى…