تحذيـرات غربـية من عمليات امـنـية خطـيـرة ونصيحة فرنسية «بالانحناء» !
لم تنته الحقبة «الترامبية» بعد، الرئيس الاميركي دونالد ترامب لن يغادر البيت الابيض،اذا غادر، دون اغراق بلاده والعالم في اسوأ الازمات، انتقاماً لنرجسيته، وتكبيلاً لسلفه جو بايدن، واذا كانت منطقة الشرق الاوسط احدى ساحات هذا «الجنون» حتى العشرين من كانون الثاني2021، فلن يكون لبنان بمنأى عن هذه التداعيات الخطيرة،وهو ما بدأت تحذر منه السفارات الغربية في بيروت عبر تقارير «سرية» الى مسؤولين امنيين لبنانيين معنيين بمتابعة ملفات حساسة في البلاد، فيما اختارت كندا اطلاق تحذيرات علنية «غير مألوفة» لرعاياها من احتمال حصول تطورات امنية في مناطق محددة على الساحة اللبنانية..
ووفقاً للمعلومات، لن تكون الجولة المزمعة لوزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الى المنطقة، مجرد زيارة وداعية للحلفاء «الاوفياء»، وانما ستكون جزءاً من تحضير الساحة لاستيعاب تطورات شديدة الخطورة، حيث تلعب تلك الدول ادواراً متنوعة تحتاج الى تنسيق عالي المستوى يتولى قيادتها رئيس الدبلوماسية الاميركية الذي شغل سابقاً موقع مدير الاستخبارات الذي تشغله اليوم جينا هاسبل التي يريد ترامب اقالتها قبل رحيله، لكنه يواجه اعتراضات كبيرة من قبل القيادات الجمهورية..
وبحسب التحذيرات الغربية، فان لبنان سيكون في «عين العاصفة» الامنية وربما العسكرية، اذا ما قرر ترامب الذهاب بعيداً في اعادة «خلط الاوراق»، لمساعدة الحلف الخليجي- «الاسرائيلي» على تذليل ما تبقى امامه من عقبات لتطوير التحالف الذي يفترض ان يتولى ادارة شؤون المنطقة، «وملء» الفراغ الاميركي، فيما تحاول قوى اقليمية صاعدة ومؤثرة متحالفة على «القطعة» مع روسيا، على فرض اجندتها، مستفيدة من الوجود الروسي الفاعل من «البوابة» السورية.لكن اذا كانت موسكو او انقرة لاعبين خطيرين يحتاجان الى مقاربة خاصة، الا ان واشنطن تمتلك الكثير من «مفاتيح اللعبة» للحد من نفوذهما، او التوافق على تقاسم هذا النفوذ، ولذلك يبقى «العدو» الاكثر شراسة متمثلاً بايران التي يرغب ترامب في «اقفال» ملفها قبل خروجه من البيت الابيض.
ولهذا تتحدث المعلومات الواردة من واشنطن عن خطط عمليات جاهزة سيعمل على تنفيذها ترامب في الاسابيع العشرة المتبقية من ولايته، وسلسلة الاقالات والاستقالات في وزارة الدفاع الاميركية تشير الى ذلك بوضوح، حيث اقال وزير الدفاع مايك اسبر، غير المتعاون، فيما استقال عدد كبير من المسؤولين في «البنتاغون»، لانهم لا يريدون ان ينصاعوا الى اوامر يرون انها ستضر بالامن القومي الاميركي، ولا يمكن لرئيس خسر الانتخابات ان يقدم عليها.
ووفقا للتقديرات، لن يكون الرئيس قادراً على الذهاب الى حرب واسعة في الشرق الاوسط، وخصوصا ضد ايران، لانه اولا ليس من هواة الحروب، وتوريط الجنود الاميركيين في المعارك التي لا تنتهي، وثانياً، لان سلطة اعلان الحرب في الفترة الانتقالية تبقى من صلاحيات الكونغرس، وما لم يكن هناك خطر داهم على الاراضي الاميركية، فان الرئيس غير قادر على توريط بلاده في اي حرب خارجية، لكن هذا لا يمنع من حصول ضربات منتقاة وموضعية لمراكز حساسة «نووياً» في ايران، لاعتقاده ان هذا الامر سؤدي الى نسف اي تفاهم مفترض بين طهران والادارة الاميركية الجديدة.
في المقابل، تحذر البعثات الدبلوماسية في بيروت من مخاطر حصول عمليات امنية ذات وزن كبير وخطير، في ايران، ولبنان، وسوريا، وسبق لترامب الاعلان انه كان ينوي اغتيال الرئيس السوري بشار الاسد، لكن وزير دفاعه السابق، وعدد من القيادات العسكرية رفضوا الامتثال لرأيه، وعملوا على افشال رغباته، ولهذا قد يكون ترامب اليوم مطلق اليد بعدما باتت وزارة الدفاع «طيعة» بين «يديه»، وثمة «بنك اهداف» جاهز يرتبط بمواقع حساسة في ايران، وخارجها، وكذلك بشخصيات وقيادات مؤثرة في الشرق الاوسط، ولدى الرئيس الاميركي رغبة في تكرار عمليات مشابهة لاغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني، وهو يعتقد ان الرد الايراني كان متواضعاً بالمقارنة مع الخسارة التي تكبدتها طهران، ولهذا لا يرى مانعاً من القيام بعمليات مماثلة، ويعتقد ان قواته ستبقى بمنأى عن اي ردود فعل خطيرة، ولهذا يرسل بومبيو الى المنطقة، لوضع الحلفاء امام احتمال حصول تطورات لن يكونوا بمنأى عن تداعياتها..
وفي هذا السياق، لا تستبعد تلك الاوساط، ان يواجه لبنان خلال ما تبقى من ولاية ترامب تحديات خطيرة، وترى ان هذه المخاوف تعززت بمغادرة السفيرين السعودي والاماراتي،الى بلادهما دون تبريرات مقنعة، اضافة الى التحذيرات الكندية «اللافتة»،وعودة الفرنسيين الى بيروت، لافهام القيادات السياسية بان المسألة تتجاوز عملية «شد الحبال» في الحكومة، بعدما بدا واضحاً ان الجانب الاميركي مصر على افشال المبادرة الفرنسية من خلال «شروط» حلفائه، وايضاً من خلال برمجة العقوبات المتتالية التي طالت معظم حلفاء حزب الله، وآخرهم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل،واذا كان لبنان ليس وحده معنياً بالتصعيد المرتقب، ينصح الفرنسيون بضرورة «الانحناء للعاصفة»، وتمرير ما تبقى من مدة ولاية ترامب باقل الخسائر الممكنة،لكن ثمة قناعة لدى قوى لبنانية وازنة ومؤثرة، بان الانحاء «للموجة» الاميركية «العاتية» لن تجدي نفعاً, فثمة قرار اميركي واضح بالتصعيد في لبنان، لن يقف عند حدود او «خطوط حمراء»، في ظل معلومات استخباراتية موثوقة تتحدث عن خلاصة امنية مشتركة بين «اسرائيل» والولايات المتحدة، وبعض دول الخليج، بضرورة التخلص من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، باعتباره الشخصية الوازنة الاهم في محور «الخصوم» في المنطقة، وهو الاكثر فعالية وتاثيراً، وغيابه عن المشهد بات حاجة ضرورية وملحة في هذه اللحظة المفصلية،وقد وصلت تحذيرات الى بيروت في هذا السياق، ترجح قيام الاميركيين و»الاسرائيليين» «بشيء ما» غير محدد لتنفيذ المهمة، لكنه سمعوا في المقابل اجوبة واضحة، تحدثت بوضوح عن «ابواب جهنم» ستفتح على امتداد المنطقة والعالم، ولن تكون تداعياتها محدودة، في الزمان او المكان، اذا ما ارتكبت اي حماقة.
ويبقى السؤال الاكثر الحاحاً، هل يقدم ترامب على خطوات مجنونة تشعل لبنان والمنطقة وربما العالم، او سينصاع لضغط المؤسسة الاميركية العميقة القادرة اذا ما ارادات على «قصقصة جوانحه»، لننتظر ونرى!