من فوق كلّ ما يحاصر المواطن اللبناني جاءت الضربة القاسية التي تلقّاها حزب الله في إدلب على يد الطائرات التركيّة المسيّرة في ردّ مشروع على قصف قوات نظام بشار الأسد للجيش التركي وإيقاع خمسة وثلاثين جندياً من جنوده ضحايا، لم يعد مقبولاً أن يموت الشباب اللبناني على أرضٍ ليست أرضه وفي حروبٍ ليست حروبه، ولم يعد مقبولاً أن نظلّ نسمع أمّاً ثكلى تخبرنا أنّها هي أرسلت إبنها ليقاتل في بلاد الآخرين وأن موته «فدا صباطك يا سيّد» أيّ عارٍ «يا سيّد» سيذكره التاريخ عن «حذائك» الذي كلّف الطائفة الشيعيّة في لبنان كلّ هؤلاء الشياب من قتلى وجرحى، قل لنا ماذا يجول في خاطرك إذا ما وقع نظرك على «صباطك» الذي تراق الدّماء والأرواح فداه، ألم يشبع هذا «الصبّاط» من دماء شباب لبنان بعد، ألم تشبع إيران من دماء شبابنا بعد؟ هل شاهدت ڤيديو أحد شباب الحزب يقول فيه «حصدونا حصد»؟!
هل بلغتك ملاطفة الرئيس الإيراني حسن روحاني لتركيا لتكون «حنونة عليكم في قصفها» وسارع أمس متصلاً بالرئيس التركي أردوغان يطالبه بعقد مؤتمر ثلاثي للمفاوضة حول إدلب فيما كان حزبك في لبنان يشيّع الشباب الذين سقطوا في القصف التّركي؟ «يا سيّد» الروسي لا يشتغل عند حزب الله ولا عند إيران ليحميكم من الطائرات التركيّة ويمنع عنكم قصفها، ولا ليفسد علاقاته وتجارة سلاحه مع تركيا، وجيش بشار الأسد أنتم أدرى أنّ جنوده جبناء ولا يقاتلون وساعة الجدّ يفرّون تاركينكم تدفعون الثمن وحدكم؟ ماذا بعد هذه الدوّامة من الدّماء التي أغرقتَ لبنان فيها، هل علينا الإصطدام بدولة جديدة تربطنا بها علاقات جيّدة، ألن تتركوا بلداً واحداً لا تخرّبون علاقات اللبنانيين به؟!
إلى أين أنتم مستمرّون في اختطاف هذا البلد؟ في تركيا آلاف اللبنانيين الذين يعملون وفتحوا لهم تجارات بعدما ضاق عليهم الأفق وهم مسيحيّون ومسلمون، مئات من شبابنا العاطلين عن العمل حملوا «عيلهم» وذهبوا يعملون في أرض الله الواسعة في تركيا، هل على هؤلاء أن يدفعوا ثمن كراهية الأتراك التي ستصيبهم بسبب حزب الله ومعاركه التي يخوضها من أجل الآخرين؟
وفوق كلّ بلاءاتنا الآتية من إيران، يستمر بلاء «كورونا» في التغلغل في الجسد اللبناني آتياً منها أيضاً، كلّ يوم يشعر المواطن اللبناني أنّه متروكٌ لقدره أكثر من اليوم الذي سبقه، اليوم أيضاً وبحسب ما أعلن بالأمس تصل عن طريق المصنع باصات تقلّ طلّاب لبنانيين عائدين من إيران عن طريق دمشق، بات واضحاً أنّ الوزارات المعنيّة لا تقوم بواجباتها ولا رئيس الحكومة يتحمّل مع حكومته مسؤوليّة إقامة مراكز حجر صحي إجباريّة يودع فيها العائدون من إيران كإجراء إحترازي من حملهم لفيروس كورونا، خصوصاً أنّ كلمة «طلّاب» في دولة مثل إيران تشمل طلّاب «الحوزات الدينيّة» في مدينة قم وغيرها، ألم يشبع اللبنانيّون بعد من المآسي التي تتسبّب بها إيران لهم وللبنان، ألم نشاهد رأي العين بالأمس من «يلعقون» ضريح الإمام الرضا عليه السلام ليصابوا هم وأولادهم بوباء كورونا، متجاهلين عدد البشر الذين سينقلون لهم الوباء، وحاشا لجناب الإمام الرّضا الشّريف عليه السّلام أن يقبل بما شاهدناه من مناظر مؤذية ومقزّزة ومقرفة، ولكن نحن أمام «دولة متخلّفة» ومستهترة بأرواح النّاس لم تأخذ حتى الآن قراراً بإغلاق المزارات الدينيّة على أرضها لوقف تفشّي الوباء فيها، فيما في دولة مثل فرنسا تغلق الحكومة الفرنسية «متحف اللوڤر» في باريس منعاً لتفشي العدوى!!
نعيش في بلد حكومته غائبة عن السّمع بل غير موجودة أصلاً ومستقيلة من الإعتراف بأنّها وصلت إلى السلطة كحكومة إنقاذ، ولكنّنا لم نرَ من «إنقاذها» شيئاً حتى اليوم فلا يخرج المسؤولون عن صمت القبور عندما يكون هناك حاجة لمخاطبة الشعب، فيما يتصدرون للخطابة في مناسبات تحتاج سنوات لتتحقّق فيعيش اللبنانيّون على إيقاع التوتّر «الكوروني» والقلق اليومي من أوضاع البلاد المالية والاقتصادية، أيّ واقع مرير على المواطن اللبناني أن يتحمّل بعد؟!