Site icon IMLebanon

دعوة نصر الله للمصارف لا تخدمه

 

طالب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله مساء الجمعة المصارف اللبنانية بأن “تذهب إلى رئيس الحكومة وتقول له نحن أمام الوضع القائم بملف منع الانهيار المالي أو بملف مواجهة كورونا، سنقدم مساهمة للدولة اللبنانية بالمبلغ الفلاني”.

 

دعوة القطاع المصرفي إلى التضحية مع الشعب اللبناني مثلما على كل فئات المجتمع الميسورة، ومنها الطبقة السياسية الحاكمة، إلى أن تبادر، مسألة تلقى صدى إيجابياً إزاء عمق الأزمة المزدوجة، الصحية والمالية.

 

إذا كان مقصوداً التبرع من ميسورين شيء، وإذا كان القصد اقتطاع جزء من الأموال التي أقرضتها المصارف للدولة، أي للحكومات، أي للطبقة السياسية التي تصرفت بقسم منها هدراً ونهباً وتنفيعاً فزادت المديونية والعجز في الموازنة وكل الآفات التي نسمع تعابيرها التقنية منذ سنتين، فإن لذلك رواية مأسوية لا تخدم غرض السيد نصر الله.

 

لدى الحزب خبراء ماليون يمكنهم تقديم الأرقام لقيادته. فالأموال التي تستحق للمصارف على الدولة، ليست أموالها بل أموال المودعين اللبنانيين. وخطأ المصارف يكمن في استجابتها لطلب مصرف لبنان أن تقرضه، من أجل أن يقرض هو الدولة اللبنانية، أو استجابتها لطلبات الحكومة، فاكتتبت بسندات الخزينة واليوروبوندز… التي كانت تطرحها وزارة المال، بقرار من مجلس الوزراء وعلى طاولته القوى السياسية كافة، بما فيها “حزب الله”. خطيئة المصارف، نتيجة جشع بعض أربابها بالفائدة العالية على التسليفات، وإرضاء للسلطة السياسية، هي مخالفتها الأصول بقبولها، مع مصرف لبنان، التصرف بما يفوق السقف المسموح به (وفق اتفاقية بازل) من أموال المودعين، لإقراض الدولة. ولذلك يجري الآن البحث في كيفية استرجاع هذه الودائع، أو الاقتطاع منها بالـ Hair cut أو بتقييد الحصول عليها عبر الـ capital control أو بتحويل قسم منها إلى أسهم عبر الـ bail in…

 

رساميل المصارف زهاء 22 مليار دولار أميركي، وأموال المودعين لديها حتى آخر 2019، 150 مليار دولار، 120 ملياراً منها بالدولار، انخفضت نتيجة السحوبات والاستحقاقات الاستثمارية… وتوزعت قروضاً للقطاع الخاص (34 ملياراً) 20 في المئة منها متعثر، واكتتاباً مباشراً في اليوروبوندز (14 ملياراً) وقسماً آخر اكتتب فيها مصرف لبنان لكن من أموال المودعين وفي الخارج (4 مليارات) واحتياطياً إلزامياً في مصرف لبنان (قرابة 18 ملياراً) زائداً شهادات إيداع من أموال المودعين في مصرف لبنان، الذي أقرض الدولة منها. لم يبق من الودائع وأموال المصارف إلا 29 – 30 مليار دولار.

 

بقبول القطاع المصرفي (ومصرف لبنان) الاسترسال في إقراض الحكومات (حزب الله منها) مالاً مهدوراً، فاقت خسائره قيمة رأسماله، نشأت أزمة السيولة وتقنين سحوبات المودعين، ستستمر مع تعثر سداد لبنان اليوروبوندز التي تحمل المصارف اللبنانية 80 في المئة منها. وما راكمته من أرباح سابقة تبخّر، (باستثناء قلة لم تدخل اللعبة)… فبات القطاع المصرفي في قلب المأزق.

 

بطلبه من المصارف التضحية يمشي “حزب الله” على رجليه نحو مكان لا يرغبه. فمن أسباب الفجوة المالية، تغاضي الحزب المقصود، عن جموح شركائه وحلفائه في السلطة نحو تحقيق الأرباح من الاستدانة، للحصول على تأييدهم، أو مسايرتهم لسياساته الخارجية.

 

الحال هذه، على الحزب ألا يتفاجأ بشروط سياسية على مساعدة لبنان مالياً.