Site icon IMLebanon

هل يرضخ «السياديون» لمعادلة نصرالله؟

 

أرسى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ، في إطلالته الأخيرة، معادلة جديدة تقضي بأنّ «كلّ من سكت عن المعبر غير الشرعي في السفارة الأميركية، الذي تمّ منه تهريب العميل عامر الفاخوري، لم يعد يحقّ له التحدث عن معابر غير شرعية أخرى». فما علاقة هذه المعابر بقضية الفاخوري؟ وهل اعترف نصرالله، من خلال هذه المعادلة، بسيطرة «الحزب» على المعابر غير الشرعية؟ وهل يحاول مقايضة عدم ردّه على «التهريبة» في ملف الفاخوري بسكوت «من ينادون بالسيادة والإستقلال» عن هذه المعابر؟ وهل رسم خطاً أحمر جديداً ممنوعاً تخطّيه؟ والى من وجّه رسالته هذه؟ هل الى الحكومة أو الجيش اللبناني أو القوى السياسية، أو أنّها تشمل الجميع؟

تقول مصادر معارضة، إنّ «نصرالله وضع، في معرض حديثه الجمعة الماضي، معادلة: «معبر عوكر مقابل بقية المعابر غير الشرعية على الحدود». وكأنّه قال: «حين تُغلقون معبر السفارة الأميركية نُغلق نحن بقية المعابر»، وبالتالي أدان نفسه، واعترف للمرة الأولى أنّ المعابر غير الشرعية على الحدود اللبنانية «بإمرته»، وأنّه راعي هذه المعابر».

 

وتؤكّد المصادر نفسها، أنّ معادلة نصرالله لا تستقيم لأسبابٍ عدة:

 

أولاً، إنّ السفارة الأميركية تملك إذناً من الدولة اللبنانية، بأن يكون لها الحق في أن تحطّ طائراتها على أرض السفارة أو في مطار حامات، بقرارٍ مُتخذ من الحكومة اللبنانية. وبالتالي لا يُمكن اعتبار هبوط طائرة أميركية على مدرج السفارة في عوكر غير شرعي، لأنّه يأتي ضمن إتفاق رسمي بين الدولتين اللبنانية والأميركية.

 

ثانياً، الولايات المتحدة الأميركية لم تهرّب الفاخوري، إذ إنّه خرج بقرار قضائي صادر عن المحكمة العسكرية، وبالتالي إنّ خروجه لم يكن نتيجة هروب أو تهريبة، بل بقرار قضائي واضح يستند الى عدم وجود قانون يسمح بإبقاء الفاخوري في السجن، لأنّ التهم الموجّهة إليه سقطت بمرور الزمن.

 

ثالثاً، إنّ المعابر غير الشرعية تشكّل كارثة على لبنان، من الناحية المالية والإقتصادية، لأنّ جزءاً أساسياً من معاناة الوضع الإقتصادي والمالي الكارثي الذي يعيشه اللبنانيون هو بفعل هذه المعابر غير الشرعية، التي تشكّل ممرّ تهريب خطيراً ينعكس سلباً على الإقتصاد اللبناني. ويجب إيقاف هذا التهريب بقرار من الحكومة، التي من الواضح أنّها لا تتخذ هذا القرار لأنّ هناك قراراً سياسياً أعلى منها يمنعها من ذلك.

 

رابعاً، فضلاً عن التهريب، هناك شق آخر يتعلّق بالمعبر العسكري، حيث تشكّل هذه المعابر خط تواصل بين «حزب الله» والنظام السوري، وخطاً مباشراً من طهران الى بيروت، لإمرار السلاح والمقاتلين. وهذا الموضوع خطير للغاية، ولا يُمكن السكوت عنه مثلما يُطالب نصرالله، تحت أيّ عنوان أو ذريعة، ولا يُمكن مقارنته بـ«معبر عوكر» القائم والموجود منذ سنوات بموجب إتفاق رسمي بين دولتين، فيما أنّ المعابر غير الشرعية خارج رقابة الدولة».

 

هذه المعابر، تُطالب معظم قوى «14 آذار» بإغلاقها، ويحرص رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع في كلّ إطلالة له، على تأكيد ضرورة إغلاق المعابر غير الشرعية. وتقول مصادر «القوات»، إنّ «معادلة نصرالله مرفوضة، ولن نتوقّف عن المطالبة والإصرار على إقفال المعابر غير الشرعية، التي تشكّل الى جانب ملفاتٍ أخرى، حالة فلتان وهدر وفساد داخل الدولة اللبنانية، تنسحب على المرفأ والمطار والجمارك وكلّ النقاط الأخرى المتعلقة بالوضع الإقتصادي – المالي الكارثي الذي وصلنا اليه نتيجة عدم إتخاذ قرارات واضحة لمعالجة هذه الملفات».

 

وتعتبر مصادر معارضة أخرى، أنّ همّ نصرالله الأساس، حالياً، هو «الحفاظ على الإتصال مع قيادته المركزية في طهران، لناحية نقل المال والمقاتلين والسلاح، في وقتٍ أصبحت حركة الرحلات الجوية من والى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت مراقبة، جرّاء القواعد التي فرضتها أزمة وباء «كورونا».

 

لذلك يتشدّد نصرالله الآن في رسم خط أحمر حول المعابر غير الشرعية». وتقول المصادر: «في ظلّ ضآلة موارد «الحزب» والتضييق على حركة الأموال التي يستفيد منها جراء العقوبات الأميركية، يصرّ على إبقاء هذه المعابر مفتوحة لكي يموّل جهوده الحربية والإجتماعية. إذ إنّ المسّ بهذه المعابر التي يتنفّس «الحزب» منها، يُعتبر دفعاً له لكي يعلن استسلامه، الأمر الأخطر من قرار الحكومة بنزع سلاح الإشارة لدى الحزب في أيار 2008، والذي أدّى إلى ما عُرف بـ7 أيار».

 

وتقول مصادر تيار «المستقبل»، إنّ «التلويح بخطورة المسّ بالمعابر غير الشرعية، ليس جديداً، وكان مطروحاً قبل تأليف الحكومة الحالية، وكان هناك تخوّف من التركيبة الوزارية التي قد يؤلّفها الرئيس سعد الحريري، وكان المطلوب الإستمرار بوضع المعابر على ما هو عليه، براً أو بحراً أو جواً». وترى أنّ كلام نصرالله رسالة للجيش اللبناني وليس فقط للقوى السياسية.

 

ويعتبر معارضون آخرون، أنّ معادلة نصرالله الأخيرة تأتي في سياق تبرير مشروع «حزب الله» وأدوات هذا المشروع. ويرون أنّ لا فارق بين المعابر الشرعية أو تلك غير الشرعية، إنّما الأساس هو أن «يكون العبور شرعياً». ويقولون، إنّه من غير المهمّ إذا تمّ انتقال مقاتلي «حزب الله» وأسلحته وآلياته العسكرية وأمواله… الى سوريا ومنها الى بلدانٍ أخرى، عبر المعابر الشرعية أو غير الشرعية. إذ في الحالتين فإنّ «هذا الإنتقال غير شرعي».

 

وبالتالي، إنّ «المعابر غير الشرعية تفصيل، في ظلّ هيمنة «الحزب» ووضع يده على البلد، وهذه المعادلة الأساس التي تتطلّب رفضاً ومعالجة، لكي تستعيد الدولة اللبنانية «شرعيتها» داخلياً وخارجياً».