أحلى ما في الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله أنه في إطلالة واحدة «ينسف» كماً من الإطلالات، كما لو أنه «ينسى» ما كان قاله، أو لم يكن «مقتنعاً» بما قاله، أو أنه يقول ما يقول «غب الطلب»، بعيداً عن أي قناعات أو ثوابت تحكم خطابه «التائه»، منذ أضاع بوصلة المقاومة التي ضاعت في وحول سوريا واليمن والعراق والبحرين.
في أكثر من إطلالة، لم يترك السيد «حجة ساقطة» إلا وأسقطها في خطابه لإقناع جمهوره بالدرجة الأولى، بأن تورطه في الحرب السورية أساسه وعماده أن «طريق القدس تمر في سوريا»، وتحديداً في «القلمون والزبداني وحمص وحلب ودرعا والحسكة» لأنه كما يقول «إذا ذهبت سوريا ذهبت فلسطين وضاعت القدس«.
في إطلالته الأخيرة عبر قناة «الميادين»، لم يترك المتابع كلمةً للسيد إلا وأنصت لها بحثاً عن «طريق القدس»، فلم يجد في كلامه أي أثر لـ»طريق القدس»، لا من قريب ولا من بعيد، رغم «كم» التهديدات التي أمطر بها العدو الإسرائيلي، محذراً إياه من مغبة التفكير بشن أي حرب على لبنان.
إذاً، من كلامه يدان، وما عكسه في تلك الإطلالة هو الحقيقة التي تقول بأن «طريق القدس» مجرد «بدعة» يستخدمها «حزب الله» في خدمة أهداف إيران، التي لطالما هددت قياداتها بالزحف لـ»تحرير فلسطين»، فيما الواقع يفيد بأنها، أي إيران، تزحف على خطى العدو الإسرائيلي لـ»احتلال دول عربية» بميليشيات الفتنة وخلايا التخريب.
لا يغيب عن بال السيد نصر الله أي معطى، ولا تفوته شاردة أو واردة، عادةً ما «يُبدع» في تسطير المعادلات وتشريحها، لكن الإبداع عازه هذه المرة، في معرض حديثه عن الضمانات لـ»أمن إسرائيل»، أو ربما تخلى عنه، فنسي أو تناسى، أن لا ضمانة أكبر لـ»أمن إسرائيل» من تلك الضمانة التي سطرها أركان نظام بشار الأسد بأن «أمن إسرائيل من أمن سوريا«.
في جردة بسيطة لتطورات الأوضاع في سوريا منذ 5 سنوات، نجد أن ضمانة نظام الأسد لـ»أمن إسرائيل» هي الضمانة نفسها التي يضحي نصر الله بشباب حزبه وطائفته من أجلها، دفاعاً عن بشار الأسد كي يبقى ضامناً لـ»أمن إسرائيل»، وهي الضمانة نفسها التي كبرت وتكبر مع المعادلة التي سطرتها روسيا، وتسطرها إيران يومياً في سوريا، بأن «إمن إيران من أمن سوريا»، لتصبح المعادلة التي يقفز نصر الله عن حقيقتها هي الآتية: «أمن إسرائيل من أمن إيران!».
لعل من يبصم بالمليون على ما تقدم، هو السيد نصر الله نفسه، عندما فاخر بأن أشرف وأعظم ما فعله في حياته هو هجومه على المملكة العربية السعودية، بعدما أطلقت «عاصفة الحزم» في اليمن، لدرجة وصل فيها حد الاعتزاز بأن هجومه على السعودية أشرف وأعظم من حرب تموز ضد العدو الإسرائيلي!.
() منسق عام الإعلام في «تيار المستقبل»