Site icon IMLebanon

نصرالله وإنكار الواقع

إذا عدنا إلى السنوات الأخيرة من تحركات «حزب الله» على الأرض في لبنان وسورية وحاولنا أن نربطها بخطاب أمينه العام السيد حسن نصرالله حول التدخل السعودي في اليمن لرأينا أن نصرالله أصيب بعدوى بشار الأسد بمرض نكران الواقع المؤلم، فهو وحليفه الإيراني دخلا في حرب ضد الشعب السوري يقتلانه ويهجرانه لحماية حاكم طاغية يستخدم البراميل من طائراته لقصف شعبه.

إن «حزب الله» منذ هجومه في بيروت يوم ٧ أيار (مايو) ٢٠٠٨ على القوى السيادية في لبنان وعلى السنّة المعتدلين دفع إلى تفاقم الصراع السنّي – الشيعي الذي كان حامل رايته في العراق آنذاك حليف إيران نوري المالكي. ادعى نصرالله في خطابه الأخير أن إيران لا تتدخل في اليمن، في حين أن المسؤولين الإيرانيين أنفسهم يتباهون بالسيطرة على بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء. إن مصيبة لبنان هي التدخل الإيراني «الحزب إلهي» في حرب سورية لأن الشعب السوري الذي قام ضد حاكمه في درعا في بداية الحرب لم يهدد يوماً لبنان، بل بالعكس فتح أبواب منازله وحضن مؤيدي «حزب الله» خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في ٢٠٠٦. وها هو الآن الحزب نفسه يقتل الأهالي الذين رحبوا بهم. إن ادعاء نصرالله أن إيران لا تتدخل في قرار الحزب أو في لبنان يشبه أقوال بشار الأسد أنه يقاتل إرهابيين معتبراً كل شعبه الذي تظاهر في ٢٠١١، ومن سمّمهم بالغازات الكيماوية بأنهم إرهابيون.

إن تدخل إيران في اليمن يعود إلى بضع سنوات عندما كانت القوات السعودية تحارب الحوثيين عند حدودها، فكانت لدى الجميع معلومات أن إيران تدرب الحوثيين، وكانت لديها مخيمات تدريب في اليمن. إن من حق السعودية أن تحمي بلدها من التهديد الإيراني ولا شك في أنه ينبغي في نهاية المطاف أن يكون هناك حل سياسي للوضع في اليمن للتصدي بعد ذلك للتهديد الإيراني. واللافت على هذا الصعيد أن معظم الأوساط الإعلامية الأميركية مؤيدة لإيران في تعليقاتها، وهنا على السعودية أن تبذل جهداً أكبر تجاه الإعلام الغربي ضمن حملة إعلامية كبرى لشرح الوقائع كما هي. ومن المفيد أن يكون للسفارات السعودية في الغرب صوت ودور لشرح الحقيقة كما فعل السفير السعودي في لبنان علي بن عواض عسيري الذي لديه شبكة واسعة من الاتصالات مع جميع الأوساط الإعلامية.

كانت إيران الدولة الأولى التي بدأت تصدير الطائفية إلى بلاد الشام منذ ثورة الخميني. وهي الأولى التي موّلت الإرهاب واحتجزت الرهائن في طهران ولبنان وأين ما كان. لكن الذين يتغنون اليوم بمزايا احتمال التطبيع الأميركي مع إيران يخلطون بين إيران التراث والتاريخ والثقافة القديمة، وهذا النظام الذي لا علاقة له بكل هذه الصفات.