Site icon IMLebanon

نصر الله .. و«خراب البصرة»!

طوال ساعة من الوقت، لم ينطق الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله بكلمة «مقاومة». أسقط «المقاومة» من معادلته الذهبية، بخطاب واحد، بعدما رفعها إلى «مصاف الآلهة» في مئة خطاب، ولم يجد غير الجيش والشعب اللبناني كي يختبئ خلفهما لحماية لبنان من الإرهاب، وهو بذلك يؤكد المؤكد بأن «مقاومته» التي استجلبت بإرهابها في سوريا إرهاباً مضاداً في لبنان، عاجزة عن مواجهة هذا الإرهاب في لبنان، بعدما فشلت في مواجهته في سوريا!.

كان ينقص اللبنانيون فقط، أن يقول نصر الله: «لو كنت أعلم»، كي تكتمل المصيبة، لكنه لم يقلها، لأنه أكثر من يعلم أنه فتح معركته في سوريا، وهو يأمل أن يربحها في لبنان. صحيح ما قاله نصر الله عن أن «لبنان يعيش في حالة إذلال حقيقي»، جراء تطورات قضية المخطوفين من العسكريين، لكن الأصح أن «حزب الله» هو المسؤول أولاً وأخيراً عن هذا «الإذلال» كي يحقق ما يريد، وأنه كان يخدع جمهوره قبل أن يخدع اللبنانيين، بأن قتاله في سوريا سيجلب لهم العزة والكرامة، فإذ به يجلب لهم الذل والهوان، ويعود بأبنائهم في النعوش، ويتسبب بذبح جنود الجيش اللبناني على يد «داعش» وأخواتها.

ليت نصر الله قبل أن يطلب «المساعدة» من الدول العربية والغربية للإسراع في دعم الجيش اللبناني وإيجاد الحلول لملف النازحين ووقف تمويل المسلحين، كما يقول، يطلب المساعدة من إيران أولاً، ومن حزبه ثانياً، كي «يسارع» في العودة من المستنقع السوري، بدل الذهاب إلى المزيد من الغرق فيه. حينها يمكن للبنانيين أن يصدقوا أن كلام نصر الله في قضية العسكريين المخطوفين لم يكن «محض مزايدات»، بل كان كلاماً صادقاً «يلبي» الدعوة إلى انسحاب «حزب الله» من سوريا الذي كان «الطلب الوحيد» الذي ردده الشهداء من العسكريين المخطوفين في الفيديوهات التي وثقت ذبحهم، والذي لا يزال «الطلب الوحيد» الذي يردده الأحياء منهم.

يبقى أن أخطر ما في كلام نصر الله أن «موقفه المبدئي» ضد القضاء على «داعش»، لا يخدم إلا بقاء «داعش».

المضحك المبكي، أن نصر الله لا يرضى بشيء. لا يرضى، بحكم «موقفه المبدئي» أن يكون لبنان جزءاً من التحالف الدولي للقضاء على «داعش»، ولا يرضى في المقابل، بكل «المواقف الفعلية» التي لا ترضى أبداً أن يكون «حزب الله» جزءاً من التحالف الإيراني الأسدي للقضاء على الشعب السوري الواقع بين سندان هذا التحالف ومطرقة «داعش» التي لا يريد نصر الله القضاء عليها.

إذا كانت تلك هي المبادئ في نظر سماحة السيد، فبئس مبادئ «خراب البصرة»!