إطلالة الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء أمس أكدت أن ما حصل في اليمن حدث خطير يمهد لـ”دخول المنطقة في جحيم أين منه ما يجري في سوريا والعراق” وفق التوقعات التي مهدت لكلمة نصرالله. فهل هذا هو واقع الحال في بلد لا يملك نفطاً بل الفقر الذي لم يكن يوماً منسجماً مع الوصف التاريخي لتلك البلاد بـ”اليمن السعيد”؟
ردة فعل نصرالله الغاضبة هي بعض من غضب حكام إيران ولا بد أن في الأمر فعلاً ما يستحق هذا الغضب، فما هو يا ترى؟ بالعودة الى تأسيس الجمهورية الاسلامية كانت مشروعية السلطة في طهران تنطلق من شعار المؤسس الامام الخميني” الموت لأميركا الموت لإسرائيل”. وعلى اساسه كان العمل منذ العام 1979. لكن هذا الشعار صار جديراً بالدخول الى متحف الجمهورية بعدما ذهبت ايران الى التسوية مع “الشيطان الأكبر” الصفة التي أطلقها الخميني على واشنطن في شأن ملفها النووي. أما إسرائيل التي تستحق الموت أيضاً فهي أيضاً خرجت من دائرة التصويب الايراني بعدما صارت حدودها الأكثر أماناً حيث لإيران حضور والمثال جنوب لبنان.
إذا كانت أميركا لم تمت ومثلها إسرائيل فمن أين سيأتي وليّ الفقيه الايراني بمشروعية أمبراطوريته؟ أنها مكة قبلة المسلمين في العالم. ومن لن يصدّق عليه أن ينظر الى الأمر بالتفصيل وليس بالجملة. وفي حال اليمن المتفجر الان كان الحلم الايراني أن يطبق الحصار على السعودية والذي بدأ بسوريا والعراق. وتحضيرا للحصار كان لا بد من عباءة الانفراج مع الولايات المتحدة الاميركية تحت عنوان “الاتفاق النووي”.
مسؤول عراقي سابق زار بيروت أخيرا وهو المعروف بعلاقته الوثيقة بطهران وواشنطن أبلغ مضيفه اللبناني أن البحث الوحيد الدائر بين واشنطن وطهران هو الملف النووي ولم يمتد الى أي ملف آخر في المنطقة. ومنذ أن إنطلق قطار المحادثات الاميركية – الايرانية في سلطنة عمان عام 2012 كان قطار الحلم الامبراطوري يستعد للإنطلاق في إتجاهات جديدة.وكرمى عيون نجاح إدارة الرئيس أوباما في هذه المحادثات هان معه إغماض عيون الادارة الاميركية عن المغامرات الايرانية الجديدة. وهنا يقول البعض أن تورط “حزب الله” في الحرب السورية جاء في تموز 2012 بعد محادثات عمان مباشرة.
قبل أعوام قليلة من وفاته وجّه الامام الخميني الحجاج الايرانيين الى التظاهرات الشهيرة في مكة في 31 تموز عام 1987 والتي أدت الى سقوط مئات القتلى والجرحى.وبعد أكثر من ربع قرن وجّه خليفته الامام خامنئي الأنظار الى إعداد العدة لـ”فيلق مكة” في موازاة “فيلق القدس” الذي أصبح قائده الجنرال سليماني الآن في اليمن.
من يقرأ في كتاب الأساطير معطوفاً على التاريخ، كما يفعل حكام طهران ينتهون الى ما انتهوا اليه اليوم. انهم يريدون المشروعية الميثالوجية. لكن الطريق الى هذه المشروعية ليست طريق حرير فكان لا بد من المحاولة التي وقفت الآن عند باب المندب حيث يندب الآن أتباع إيران حظهم ويجرّون المنطقة الى الجحيم.