غسان حجار، صحافي في “النهار” منذ العام 1996، ومدير تحرير الجريدة منذ 2009، ويشرف على “مركز النهار للتدريب والبحوث”، وهو امين سر “جمعية نهار الشباب”. استاذ في كليتي الاعلام في الجامعة الانطونية والجامعة اللبنانية. ناشط اجتماعي في عدد من الجمعيات وشغل سابقا منصب نائب الرئيس العالمي لحركة “ميداد” المنتشرة في نحو 50 دولة وهي تهتم بحقوق الاولاد.
لا يمكن قراءة الرسائل التي وجّهها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في غير اتجاه من دون التوقف أمام تلك التي بلغت حليفه العماد ميشال عون، الذي توعد بأنه لن يعود الى الحكومة قبل تعيين قائد جديد للجيش يكون له فيه الرأي المرجِّح، متسائلاً عن جدوى الحوار الوطني إذا كان الفريق الآخر (اي قوى 14 آذار وتحديداً تيار المستقبل) لا يريد الشراكة الحقيقية في الوطن، ولا يريد اعطاء المسيحيين حقوقهم. السيد نصرالله، في اطار رده على الوزير نهاد المشنوق، اعلن تمسكه بالحكومة، الحاجز الاخير قبل السقوط المريع لمؤسسات الدولة اللبنانية، وأشاد برئيسها تمام سلام، داعياً من يريد “ابتزاز” الآخرين عبرها، أو عبر الحوار، الى الخروج “الله معو. مع السلامة”. واذا كانت الرسالة موجهة في ظاهرها الى “المستقبل” فإنها بلغت مسامع الرابية، المحرَجة هذه الايام، جراء فشل “التيار الوطني الحر” في تسويق مبادراته واقتراحاته، سواء في تعيين قائد للجيش، أو في ترقية العميد شامل روكز، أو في قانون الانتخاب الذي يرى فيه العماد ميشال عون مدخلاً الى التمثيل الحقيقي واصلاح النظام، علماً انه يدرك في قرارة نفسه ان أياً من أفرقاء “التحالف الرباعي” سابقاً ليس في وارد المضي في قانون انتخاب عادل للمسيحيين، وقد ظهر هذا التوجه مع إعلان النائب المستقبلي احمد فتفت “رفض النسبية في ظل السلاح”، والامر عينه اكده عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب مروان حماده، علماً ان قوى 14 آذار فازت بالاكثرية العام 2009 في ظل السلاح إياه، والعماد عون حقق نجاحاً باهراً عام 2005 في ظل هذا السلاح قبل ان يتحالف معه في 2006. “تيار المستقبل” وحركة “أمل” والحزب التقدمي الاشتراكي لن تمضي بشكل واضح وصريح في الخيار الذي يناسب عون. اما “حزب الله” فهو يضمر ربما عكس ما يعلن، أو انه في احسن حال، لن يدخل في مواجهة مع الجميع، خصوصاً انه يتناغم مع “المستقبل” على وقع المد والجزر ما بين ايران والسعودية، ويفضل انتظار ما يأتي سواء في تلك العلاقة المأزومة أو في تطورات الوضع السوري ليبني على الشيء مقتضاه. والمسيحيون على انقسامهم الحاد، لن يتفقوا على رأي موحد، يُحرج الآخرين في مناداتهم بالعيش المشترك والواحد والمناصفة وتطبيقات هذه الشعارات. فالكنيسة المارونية تبدو عاجزة عن صياغة مشروع مسيحي على كل المستويات السياسية والكنسية والتنموية، والاحزاب “المسيحية” مخيبة في ضياعها وعجزها أيضاً عن لعب دور ترسمه لنفسها وسط فرط الحساسيات والطموحات الشخصية الجارفة. من هنا تصبح عبارة “مع السلامة” كأنها تصيب المسيحيين عموماً، ما لم يحصل اتفاق دولي يعيد صياغة الدور لبلد الأرز، في ظل عجز كلي عن رسم هذا الدور عبر الداخل.