نعم وبكل صدق، أستطيع القول إنه كان مؤمناً بقضية فلسطين إيماناً صادقاً، وكان يستشعر آلام وعذابات شعب فلسطين، وكان يتمنى أن يصلّي في المسجد الأقصى في أقرب وقت ممكن.
منذ يوم توليه الأمانة العامة لحزب الله، بدأ نجمه يبرز، حتى وصل في يوم من الأيام الى حدّ صار فيه الآلاف، لا بل مئات الآلاف، ينتظرون ماذا سيقول السيّد، وباتوا متعلقين بتوجيهاته وتعليماته.
بالفعل، رحمة الله عليه، كان يتمتع بموهبة الخطابة، حيث تشعر انه يَسْحَرك في خطاباته، ويجذب مستمعيه بطريقة رائعة غريبة.
قد تتفق معه، وقد تختلف، ولكنك لا يمكن إلاّ أن تحترمه. لا يوجد في العالم إنسان كامل، لأنّ الكمال لله سبحانه وحده، لكن هذا الرجل غفر الله له أخطاءه إن وُجدت، بسبب محبته لفلسطين، فقضية فلسطين كانت بالنسبة إليه القضية المركزية الوحيدة… عمل ليلاً ونهاراً بإيمان عميق بهذه القضية، قضية فلسطين وأبطالها….
عندما بدأت عملية «طوفان الأقصى»، وانسجاماً مع نفسه ومبادئه، أعلن في اليوم الثاني دخوله المعركة مساندة لأبطال «طوفان الأقصى».
وقال في أحد خطاباته: إنه دخل مساندة للسنوار، لأنّ السنوار صاحب قضية، وأنه سيقف الى جانبه بالرغم من ان السنوار، كما قال السيّد، قام بعملية «طوفان الأقصى» من دون أن يتشاور أو يستأذن أحداً.
قد يتفاجأ البعض، كيف يقوم القائد السنوار بعملية مثل تلك العملية، من دون أن يستأذن إيران أو حلفاءه في المقاومة.. هذا ما أكده السيّد في تلك المقابلة، قد يتساءل البعض إن كان على السيّد، أن يتوقف في يوم من الأيام عن دعمه لغزة ويندم لأنه ساند الفلسطينيين بكل قوة… لكنه كان مصرّاً على موقفه، ثابتاً في قراره. لقد رفض كل العروض التي عُرضت عليه… لأنه لم يكن يصدّق العدو الإسرائيلي.
وبالفعل، من يتابع، كم وكم وكم من الاجتماعات التي حصلت بين وفد أميركي ووفد قطري، ووفد مصري، ووفد فرنسي، وكم من تصريح أعلنه الرئيس جو بايدن، مؤكداً ضرورة أن تتوقف هذه الحرب على الشعب الفلسطيني… وفي كل مرة نقترب من التوصل الى نقطة اتفاق، يقلب المجرم السفّاح «هولاكو» الشرق الأوسط بنيامين نتنياهو الطاولة، ويضع شروطاً جديدة تعجيزية.
اليوم، وبعد ما حدث خلال حوالى سنة، لا يمكن إلاّ أن نقول، مهما كانت النتائج ومهما بلغت التضحيات، إنّ التاريخ سيذكر أن هناك بطلين استطاعا أن يقهرا العدو الإسرائيلي، السيّد حسن نصرالله الذي أكرمه ربّ العالمين بالشهادة… وهنا أتذكر قوله: ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يرزقون.
أما الثاني فهو بطل عملية «طوفان الأقصى» يحيى السنوار الثابت على مبادئه، وهو صاحب القول «الشهادة أو النصر».
إنّ هذا الشعار ليس كلاماً بل فعل، كذلك عند السيّد حسن نصرالله الذي أكرمه ربّ العالمين بأن حقق أمنيته.
أخيراً، أتقدّم من جميع المقاومين وجميع الشرفاء وجميع ذوي القائد ومحبيه بالعزاء.
ولا يسعني إلاّ القول: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون.