IMLebanon

نصرالله يُطلق اليوم البيان الرقم 2

كلّ من يعرف «حزب الله» وكيف يُفكّر ويدير نزاعه مع اسرائيل، كان يؤكد حتمية الرد على اعتداء القنيطرة. الحزب نفسه أعطى إشارات واضحة في أكثر من طريقة تؤكّد نيّته القيام بعمل ما ضدّ العدو.

من البيان المقتضب الذي نعى فيه حزب الله شهداء القنيطرة، الى عدم ظهور أمينه العام السيد حسن نصرالله في ذكرى أسبوع هؤلاء الشهداء، الى الصمت البليغ الذي مارَسته المقاومة، كان واضحاً أنّ ثمة تحضيراً لعمل ما، والسؤال الآن لم يعد هل سيردّ «حزب الله»؟ بل أصبح: لماذا ردّ «حزب الله»؟ وماذا بعد هذا الرد؟

منذ العام 2006، تحكم النزاع بين المقاومة واسرائيل قواعد اشتباك واضحة. لا يُنفّذ «حزب الله» عمليات عند الخط الازرق، بناء لمنطوق القرار 1701، ويكتفي بعمليات «تذكيرية» في مزارع شبعا المحتلة حرصاً منه على الواقع اللبناني، وتماشياً مع ظروف لبنان الداخلية أولاً.

إسرائيل من جهتها خرقت السيادة اللبنانية بوتيرة لم تتوقف، وخروقها الحدودية واعتداءاتها استمرّت وصولاً الى اغتيال قادة في المقاومة، وعلى رغم ذلك بقيَت الحرب ضمن قواعدها ولم يلجأ أيّ طرف الى تغيير واسع لقواعد الاشتباك.

مع بداية الازمة السورية، ودخول «حزب الله» عنصراً رئيساً في المواجهة الحاصلة هناك، حاولت اسرائيل في غير مناسبة اختبار حجم الانشغال لدى المقاومة في الجبهة السورية، وتأثير ذلك على بنية «حزب الله» المجهّزة لقتالها.

شنّت غارات على مواقع تابعة للمقاومة، وفجّرت جهاز تجسّس في عدلون جنوبي لبنان، واغتالت عنصراً في الحزب. يومها اعتبر «حزب الله» أنّ تفجير جهاز التجسّس عند وصول عناصر الحزب اليه يُعدّ خرقاً لقواعد الاشتباك، ما استدعى رداً في مزارع شبعا عبر عبوّة ناسفة زُرعت لإحدى الآليات، ورسالة من المقاومة مفادها أنّ الانخراط العسكري في سوريا لم يضعف التركيز أو القدرات والجهوزية.

في هذا السياق أيضاً يمكن قراءة ردّ «حزب الله» على عملية القنيطرة. إسرائيل أرادت من خلال اغتيالها مجموعة من كوادر المقاومة، اختبار جدية كلام السيّد نصرالله عن جبهة الجولان، والدفع نحو رَسم قواعد اشتباك واضحة في الجنوب السوري على غرار تلك القائمة في جنوب لبنان.

قرأت المقاومة في هذه الرسالة «الاستدراج»، وردّت ضمن قواعد الاشتباك في منطقة لبنانية محتلة، في عملية سريعة ومحترفة وذكية في التوقيت والمضمون، وأعادت رسم معادلة الرّدع والاشتباك مع اسرائيل.

من المتوقع أن يبني السيّد نصرالله على نجاح هذه العملية في خطابه اليوم، ليؤسّس لمرحلة جديدة من النزاع. وفي المعلومات المتوافرة «أنّ الموقف السياسي ممّا حصل في القنيطرة، مروراً بالردّ في مزارع شبعا، وصولاً للتداعيات المتوقعة لهذا الحدث»، سيكون جزءاً ممّا سيطرحه السيد نصرالله في خطابه. ويبدو أنّ ثمة معلومات جديدة عن العملية سيُدلي بها وموقف وَصفته أوساط بأنّه «حاسم وقوي» يمكن وَصفه بالبيان الرقم 2.

وأشارت الاوساط عينها الى أنّ «مَن يقوم بهذا العمل العسكري المحترف، يأخذ في الاعتبار كلّ الاحتمالات وردود الفعل سواء كانت عسكرية من جانب اسرائيل وحلفائها التكفيريين، او الردود السياسية التي قد تصدر عن أيّ «موقع أو عاصمة».

قرار فتح الجبهة السورية يَبقى في يد القيادة السورية، ولكنّ السيد نصرالله لن يخفي دعم الحزب وإيران قيام «مقاومة شعبية سورية» في الجولان السوري المحتلّ، ما يعني أنّ دائرة النار تكتمل حول اسرائيل.

وهنا تدعو الاوساط عينها الى «مراقبة بيانات المقاومة الفلسطينية التي سارعت الى التهنئة بالعملية»، وهذا يعني أنّ أيّ حرب مقبلة ستكون فيها اسرائيل مطوّقة بالصواريخ من الشمال عبر لبنان وسوريا، ومن الجنوب عبر قطاع غزة.