نصر الله يصعِّد حملاته العدائية ضد السعودية ويركّز على الصراع في اليمن لتحقيق هدفين اثنين
تقليص الدعم العربي للمعارضة السورية ومحاولة صرف أنظار جمهوره عن خسائره
أصبح «النصر الموعود» في مهبّ الريح مع استمرار انكفاء الحزب والحرس الثوري في العديد من المواقع السورية
النبرة العدائية المتصاعدة، وعبارات إثارة الفتنة التي ضمّنها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله لخطابه التصعيدي في إطلالاته التلفزيونية الثلاث منذ انطلاق عملية «عاصفة الحزم» ضد الانقلابيين الحوثيين الموالين لإيران الفارسية وحليفهم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وإن كان محورها قضية اليمن والتصويب المتعمّد ضد المملكة وحلفائها العرب والمسلمين لانقضاضهم على محاولات ضم اليمن بالقوة لـ«إمبراطورية فارس» التي أعلن عنها أكثر من مسؤول إيراني بارز في مناسبات عديدة ولم تلقَ رفضاً أو استنكاراً من أي مسؤول في الحزب، وإبداء تعاطف «حزب الله» العلني ودعمه لخطط الحوثيين في السيطرة على كل اليمن والتباكي المزيّف على ضحايا وقتلى الأحداث الجارية هناك، إلا أن كل هذه الهجمة العدائية المبرمجة ولهجة الكراهية ضد حكام المملكة لم تخفِ في طياتها عوامل القلق التي باتت تنتاب نصرالله شخصياً وحزبه جراء التحرّك السياسي والعسكري السعودي والعربي في المنطقة العربية عموماً، ليس من مسألة عملية «عاصفة الحزم» فقط وإنما ضد مشروع الهيمنة والتمدد الفارسي في أكثر من دولة عربية وفي مقدمتها سوريا على وجه الخصوص، لأن سقوط النظام فيها يشكل ضربة قاصمة لهذا المشروع وللحزب على حد سواء، بعدما تسارعت التطورات العسكرية في الآونة الأخيرة وأدت الى سيطرة المعارضة السورية المسلحة على مناطق واسعة جديدة إن كان في الشمال أو الجنوب بعد هزيمة النظام وحلفائه الإيرانيين وتراجعهم إلى مناطق أخرى لا تزال تحت سيطرتهم حتى الآن.
وما أراده الأمين العام لحزب الله من مواصلة حملاته المغرضة ضد المملكة وحكامها واستهداف عملية «عاصفة الحزم»، إبقاء الاهتمام أو حصره بالمسألة اليمنية باعتبارها محور الصراع الأساسي القائم بين العرب بقيادة المملكة العربية السعودية وبين إيران الفارسية، محاولاً بكل أساليبه الفاقدة التأثير والفاعلية حرف الأنظار والاهتمام عن المشكلة السورية، اعتقاداً منه بأن ذلك سيؤدي الى إهمال أو التراخي العربي في مواصلة دعم وتفعيل قوى المعارضة المسلحة السورية في الوقت الحاضر على الأقل لإبطاء تمددها أو وقفه على الأقل بعد أن باتت تهدد بالاستيلاء على مناطق استراتيجية جديدة مهددة بالسقوط بفعل تآكل قدرة النظام السوري وحلفائه من الحرس الثوري الفارسي ومجموعة الميليشيات الشيعية العراقية وغيرها و«حزب الله» من العديد من المواقع والمناطق التي كانت تسيطر عليها في السابق كمدينة حلب التي بدأ العديد من كبار ضباط النظام المتهالك بالانسحاب منها وإخلاء المقرات والدوائر الرسمية الى مناطق أخرى، كما تناقلت وسائل الإعلام ذلك. وفي حال سقوط مدينة حلب بيد المعارضة في الأسابيع القليلة المقبلة فإن ذلك سيمهد الى تقدم للمعارضة إلى مناطق جديدة ما تزال تحت سيطرة النظام وحلفائه، الأمر الذي سيؤول الى تبدّل في موازين القوى لصالح تمدد المعارضة وسيطرتها على مناطق ومدن استراتيجية أخرى كمدينة حمص في المرحلة المقبلة، وهذا التطور، في حال حدوثه، سينعكس ضرراً ليس على النظام وإمكانية استمراره ووجوده، وإنما على تقهقر النفوذ الفارسي وعلى «حزب الله» ضمناً. فبدون الدعم العربي والخليجي على وجه الخصوص، لا يمكن للمعارضة تزخيم وتقوية قدرتها على مواجهة النظام المدعوم من إيران وميليشياتها وروسيا منذ بداية الأزمة السورية وحتى اليوم.
وقد أراد الأمين العام لحزب الله من وراء إكثار إطلالاته الإعلامية وتضمينها لعبارات الاستعداء والكراهية ضد المملكة وحكامها إضافة إلى محاولة حصر الاهتمام بالأزمة اليمنية، السعي قدر الإمكان كذلك لإعادة شد عصب جمهوره المحبط جرّاء عدم تحقيق وعوده المتكررة بالنصر اليقين ضد ثورة الشعب السوري على نظام الطاغية حليف إيران بشار الأسد بالرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات على إرسال عناصر الحزب للقتال ضد أبناء الشعب السوري، وأصبح «النصر الموعود» في مهب الريح، مع استمرار انكفاء الحزب والحرس الثوري عن العديد من المواقع وسقوط الكثير من القتلى والجرحى في صفوفه الذين يعمد باستمرار إلى التكتم عنهم ودفنهم سراً تلافياً لردات الفعل ضده من قبل أهاليهم، في حين بات العدد الكبير من الجرحى والمعاقين منهم يُشكّل عبئاً قوياً على الحزب.
إلا ان كلا الهدفين اللذين أراد الأمين العام لحزب الله تحقيقهما، جرّاء حملاته التصاعدية ضد المملكة وحلفائها، لم يتحققا مهما تعددت إطلالاته الإعلامية، لأن مثل هذه العدائية المفرطة وحدّة الكراهية، لن تؤدي إلى تراجع المملكة وقادتها عن مهمة إنقاذ اليمن ومنعه من السقوط في براثن المشروع الفارسي التدميري، لا سيما بعد تضامن المجتمع الدولي برمته مع المملكة في مهمتها هذه، وإنما ستنعكس هذه الحملات مزيداً من العزلة والضرر على «حزب الله» وحده، في حين ان محاولة حرف الأنظار عن خسارة «حزب الله» في حربه ضد الشعب السوري لن تجدي نفعاً، استناداً إلى التطورات المتسارعة والتي تظهر بوضوح عدم قدرة النظام وحليفه «حزب الله» في الانتصار على ثورة الشعب السوري ضد حلف الظلم والاستبداد والهيمنة القسرية.