IMLebanon

نصر الله لا يكسر قواعد الاشتباك في الداخل

هذه نقاط الضعف في اتهام المقاومة بالتفرد

نصر الله لا يكسر قواعد الاشتباك في الداخل

بعد رد المقاومة على اعتداء القنيطرة بهجوم «مدروس» في مزارع شبعا ضد دورية للاحتلال الإسرائيلي، ارتفعت اصوات داخلية معترضة، ومتهمة «حزب الله» بأنه يزج لبنان في مغامرة جديدة، برغم أن العملية «مطابقة للمواصفات» من حيث وقوعها داخل ارض لبنانية محتلة، وخارج نطاق القرار الدولي 1701، الأمر الذي يمنحها شرعية وطنية ودولية على حد سواء.

حينها، لم يشفع للعملية أنها منسجمة مع «قواعد الاشتباك»، ولم تمنع الحسابات الدقيقة ـــ التي رافقت اختيار مكانها وزمانها وهدفها ـــ البعض من الاستمرار في ممارسة هوايته المعتادة في انتقاد المقاومة، على قاعدة «عنزة ولو طارت».

وعندما جاء الرد الآخر على غارة القنيطرة عبر خطاب السيد حسن نصرالله الذي أعلن فيه عن كسر قواعد الاشتباك، في إطار دفاعي، استمرت الحملة على المقاومة، في استعادة لأدبيات معروفة، هي اجترار لخطاب قديم تمتد جذوره الى مرحلة ما قبل التحرير!

وقد أظهرت التعليقات الحادة لعدد من شخصيات «14 آذار»، على عملية مزارع شبعا ثم خطاب نصرالله، أن التاريخ يصر على أن يعيد نفسه في لبنان، وأن الكثيرين لا يتعلمون من دروس الماضي وعبره، حتى لو كانت مخضبة بالدم والألم، كما حصل في حرب تموز عام 2006.

لكن، وبرغم الاتهامات التي سيقت ضده من هنا او هناك خلال الايام الماضية، فإن «حزب الله» مصرٌّ على مواصلة الحوار مع «تيار المستقبل»، منطلقاً من ان هذا الحوار هو أحد صمامات الأمان لتحسين شروط التصدي لأي تهديد اسرائيلي، إضافة الى وظائفه الأخرى المتعلقة بتحصين الساحة الداخلية، سواء في مواجهة الارهاب او في مواجهة الازمات السياسية المستعصية.

بهذا المعنى، لا يبدو الحزب بصدد تعديل «قواعد الاشتباك» الداخلية، بل لعله سيكون أكثر تمسكاً بها، بالتزامن مع تحرره من تلك المتصلة بالصراع مع العدو الاسرائيلي.

وإذا كانت العديد من قوى «14 آذار» قد وجدت في إعلان نصرالله عن سقوط «قواعد الاشتباك» على جبهات الصراع ضد اسرائيل تفرداً في حسم خيارات مصيرية وإمعاناً في احتكار قرار الحرب والسلم بمعزل عن شركائه في الوطن، إلا أن أوساطاً قيادية في «8 آذار» تعتبر أن هذا الطرح هو للاستهلاك السياسي فقط، ويفتقر الى التماسك للأسباب الآتية:

– إن النقاش حول الإستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار الوطني لم يكن قد أدى، حتى لحظة تعليقه، الى اي نتيجة عملية، وبالتالي لا توجد بعد إستراتيجية متوافق عليها حتى يقال إن المقاومة بما أعلنته انقلبت على الإجماع او تجاوزت شركاءها في الوطن.

– إن إسقاط «قواعد الاشتباك» من جانب المقاومة هو قرار دفاعي وليس هجومياً، بمعنى انه يهدف الى توسيع هامش الرد على العدوان، لدى حصوله، ولا يندرج في سياق تبرير او تغطية اي مبادرة هجومية، بل إن نصرالله كان واضحاً وصريحاً في التأكيد أن «حزب الله» لا يريد الحرب ولا يسعى اليها، بقدر ما أنه لا يخشاها، ويستعد لها.

– إن المعادلة الجديدة التي أرستها المقاومة ستساهم أكثر فأكثر في حماية لبنان، لأن القيادة الاسرائيلية ستفكر ألف مرة قبل المبادرة الى الاعتداء مجدداً. وإذا كانت قد ترددت كثيراً في الرد على عملية مزارع شبعا قبل كسر قواعد الاشتباك، فكيف بعد كسرها؟

– إن المقاومة تحظى في البيان الوزاري للحكومة الحالية بالتغطية الكافية لمهامها الدفاعية، وبالتالي ليس منطقياً أن تخضع قراراتها الميدانية الى تشاور مسبق على طاولة مجلس الوزراء، او في جلسة عامة لمجلس النواب!

– إن بعض الذين يشتكون من أن «حزب الله» يتفرد في رسم خياراته بمعزل عنهم، هم في الأساس يعارضون مبدأ المقاومة وينتمون الى مدرسة العمل الديبلوماسي والقرارات الدولية.

– إن الكثيرين من الذين اعترضوا على عملية مزارع شبعا هم أنفسهم كانوا يأخذون على الحزب أنه «تورط في الحرب السورية وأهمل الصراع مع إسرائيل»، وكانوا يطالبونه بأن يصحح وجهة بندقيته ويعود الى تصويبها في اتجاه العدو الإسرائيلي.

وتخلص الأوساط الى مطالبة خصوم المقاومة بمناقشة مآخذهم وملاحظاتهم في الغرف المغلقة، لأن الانقسامات العلنية قد تشجع إسرائيل على تكرار عدوانها، مراهنة على ضعف الجبهة الداخلية اللبنانية، وإمكانية استثماره في أي عمل عسكري مستقبلا ضد المقاومة.