يدخل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم، في «يوم الشهيد»، على خط الاشتباك الساخن بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس ميشال عون حيال جلسة البرلمان، وقد اوصدا دونهما ابواب العودة وإن خطوة الى الوراء
مع ان لـ«يوم الشهيد» خصوصية تجعله لدى حزب الله حدثاً في ذاته، الا ان تصاعد وتيرة الاشتباك بين الرئيسين نبيه بري وميشال عون يحمل الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، اليوم، على محاولة استيعاب النزاع بين حليفيه، بعدما انتقل من خلاف على جدول اعمال الى مشكلة في الميثاقية.
من دون ان تكون كلمته مخصصة للخوض في انعقاد جلسة مجلس النواب غدا الخميس، تتجه المواقف التي سيعلنها نصرالله في «يوم الشهيد» الى تأكيد الآتي:
ــــ الازمات السياسية المتكررة من شأنها الاساءة الى عمل المؤسسات الدستورية على رغم هزال ما تقوم به.
ــــ خطورة استمرار الفراغ الرئاسي والتعطيل الحكومي والشلل البرلماني، ما يقتضي عدم جواز تعطيل مجلس النواب. وهو بذلك سيدعم دعوة بري الى التئام البرلمان والحاجة الملحة الى التشريع.
ــــ تفهّمه وجود قوانين تهم حلفاء حزب الله، وتحديدا التيار الوطني الحر، كاقتراح استعادة الجنسية ومشروع قانون الانتخاب، ما يفترض التعامل معها بايجابية، معززاً في الوقت نفسه وجهة نظر رئيس تكتل التغيير والاصلاح.
بالتأكيد من غير المتوقع، في كلمة نصرالله، حسم النزاع الناشب بين بري وعون لمصلحة احدهما، ولن يطرح ــــ تبعاً لواسعي الاطلاع ــــ حلاً محدداً يستبق جلسة الخميس. بيد ان المرجح في فحوى خطابه ايحاؤه بمخارج محتملة للمشكلة القائمة، على نحو تأجيل الجلسة ــــ وليس إلغاءها ــــ بعض الوقت فسحاً في المجال امام مزيد من الاتصالات والمشاورات حيال جدول الاعمال، من غير ان يعني ذلك حكماً إدخال مشروع قانون الانتخاب في جدول الاعمال، ومن ثمّ اتاحة الفرصة امام مناقشة قانون الانتخاب. ما يتوخاه نصرالله عدم كسر اي من الحليفين اللدودين، بحيث لا يحول قانون الانتخاب دون اجتماع مجلس النواب واستعادته دوره في التشريع، ولا يسهل الاعتقاد بإمرار جلسة كهذه من دون وجود تكتل عون كقوة مسيحية وازنة. لا يبدو الامين العام للحزب، والحال هذه، مهموماً بمقاطعة جعجع وحزبه جلسة البرلمان.
لا ثمن سياسياً في حساب عون وجعجع يساوي قبولهما بانهيار «اعلان النيات»
لا ينفصل الموقف المتوقع لنصرالله اليوم عن جهود حزب الله ووساطته لانعقاد جلسة الخميس التي يؤيدها، ويوافق رئيس المجلس حججه في ضرورة حصولها في موعدها.
منذ السبت الفائت كثف حزب الله اتصالاته مع فريق عون والتقى وزير الخارجية جبران باسيل والوزير السابق سليم جريصاتي. اكثر من اقتراح مخرج حمله وفد الحزب لم يلقَ صدى ايجابياً، كان الابرز حضور جلسة الخميس في معزل عن القوات اللبنانية، على ان يصير لاحقاً الى ادراج قانون الانتخاب في جلسة عامة. طُرح كذلك اقتراح مشابه يقضي بحضور الجلسة والوصول الى اقرار قانون الجنسية، ثم مغادرة القاعة.
تمسك حزب الله بحتمية اجتماع الهيئة العمومية للمجلس، في مقابل اصرار التيار الوطني الحر على شرطين ملازمين: اولهما ادراج قانون الانتخاب في جدول الاعمال، ثانيهما انه لا يذهب الى ساحة النجمة بلا القوات اللبنانية. وهو اتفاق وطيد بين الطرفين لم يقتصر على بيان «اعلان النيات» بينهما فحسب، وفي اولويات بنوده وضع قانون للانتخاب يحقق المشاركة المسيحية الحقة، بل ذهب الى اختبار بالغ الاهمية في علاقة عون بجعجع ومقدار الثقة التي بلغها تعاون التيار والحزب. طلب عون من جعجع مؤشراً ملموساً الى تمسكه باتفاقهما على خوض معركة قانون الانتخاب معاً الى النهاية، فرد الأخير بالذهاب الى بكركي، في 7 تشرين الثاني، للمرة الاولى لسنة ونصف سنة من مقاطعة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وطالبه بوقوف بكركي في جانبهما في معركة قانون الانتخاب الذي هو مطلب الكرسي البطريركي كذلك. فحصل عليه. كانت تلك «الاشارة النوعية».
حسم عون امس تحالفه مع حزب الله وتأكيده استمراره، بيد انه قبل ذلك كان قد ذهب الى ابعد من هذا الموقف: مقدار ما للحزب خطوط حمر هي عدم اصطدامه ببري والجيش، يتصرف عون على انه غير مقيّد بتحالفاته، ويسعه ان يذهب بعيداً الى خارجها من دون التخلي عن التحالفات تلك او التنكر لها. وهو ما بدا واضحاً في رفضه جدول الاعمال ومن ثم جلسة الخميس، كي يوجه رسالة مماثلة هي تغليبه «اعلان النيات». بل لهذا الموقف وجه آخر لا يقل اهمية بالنسبة الى عون وجعجع على السواء، هو ان توجّه اي منهما الى ساحة النجمة من دون الآخر، ومن دون ادراج مشروع قانون الانتخاب، يعني انهيار «اعلان النيات» نهائياً.
الى الآن، في حساب التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لا ثمن سياسياً يساوي، او يحرز على الاقل، للتسبب بانهيار «اعلان النيات».