يُطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم السبت المقبل على شاشة الميادين بعد طول غياب وبالتحديد بعد شهرين ونصف على اطلالته الأخيرة في يوم الشهيد في 11 تشرين الثاني 2018. لدى نصرالله الكثير الكثير ليتحدث عنه خاصة وأن حزبه انتهج سياسة الصمت في التعامل مع أكثر من ملف ساخن واستراتيجي. وأبرز هذه الملفات ملف الأنفاق التي ادعت اسرائيل ان الحزب أقامها على الحدود الجنوبية وملف القمة العربية الاقتصادية التي آثر الحزب عدم التعليق عليها ما ترك أكثر من علامة استفهام بخصوص موقفه الحقيقي منها.
واذا كان مطلعون على جو الحزب يستبعدون تماما أن يؤكد نصرالله وجود الأنفاق التي تحدثت عنها اسرائيل أو ينفي وجودها واضعين ذلك في خانة سياسة ينتهجها الحزب تقول بعدم تقديم معلومات عسكرية مجانية للعدو الذي لطالما حاول استدراجه بشتى الطرق للافصاح عن معطيات يرغب من التأكد منها، فهم يتوقعون ان يكون له موقف واضح من ملف القمة الاقتصادية. في هذا السياق:«لا شك انه لن يكون بوارد فتح جبهة مع اي من طرفي الصراع اي رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة، او رئيس المجلس النيابي من جهة اخرى، وان كان يميل الى تبني موقف الأخير لكن ليس بالحدية التي تم اعتمادها».
فحزب الله، وبحسب المطلعين، كان ممن يفضلون تأجيل القمة نظرا لعدم اشراك سوريا فيها، كذلك لم يكن يحبذ على الاطلاق مشاركة وفد ليبي رفيع المستوى، «لكنه في الوقت عينه لم يؤيد الذهاب بعيدا بالتصعيد وبالسعي لافشال القمة، من منطلق انه حتى ولو كان لدينا مآخذ عليها فذلك لا يعني ان ننال من هيبة الدولة اللبنانية امام المجتمعين العربي والدولي».
ويُدرك حزب الله جيدا انه وبعد الانتهاء من القمة، لن يكون من المجدي ان يتخذ طرفا الى جانب عون او بري، على قاعدة ان «ما فات قد مات»، لكنه سيسعى لتظهير النقاط التي تجمع حليفيه المتخاصمين وبالتحديد اصرار وعمل كليهما على اعادة دمشق الى جامعة الدول العربية وحتى اشراكها في القمة الأخيرة. اذ يعي الحزب ان كليهما يسعيان لتحسين علاقتيهما بسوريا بعد الندوب الكثيرة التي لحقت بها، ما سيتطلب مبادرات بالجملة لاعادة وصل ما انقطع. وبحسب المعلومات، لن يتردد الحزب بلعب دور الوسيط في هذا المجال، حتى انه بدأ به الى حد كبير، نظرا الى ان العلاقة التي نسجها مع النظام في دمشق وبخاصة في السنوات الـ7 الماضية لم ينسجها اي من الفرقاء الآخرين.
ولا شك أن السيّد نصرالله سيعرج طويلا على الحراك الأميركي في المنطقة وبالتحديد الجولة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كما زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل الى بيروت. لكن بخلاف الملفات السابق ذكرها، فان موقف السيد نصرالله من هذا الملف معروف مسبقا، باعتبار ان سياسة الصمت التي ينتهجها الحزب لم تسر على هاتين الزيارتين. اذ تحدث رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد بوقت سابق عن ان هيل خص حلفاءه «المحبطين» بالزيارة «حتى لا تسقط معنوياتهم بالكامل»، فيما اشار نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش الى انّ «احد أهداف زيارة المسؤولين الأميركيين الى لبنان هو تحريض بعض اللبنانيين على المقاومة من جديد، واستنهاض حلفائهم لمحاصرة المقاومة وعزلها». ولن يتردد السيد نصرالله في اطلالته المرتقبة بمغازلة عون وباسيل وشكرهما على المواقف الحاسمة المدافعة عن الحزب التي أطلقاها أمام الضيف الأميركي، وهو سينطلق من هنا ليصعّد بوجه المؤتمر المناوئ لإيران، المزمع عقده في العاصمة البولندية، وارسو الشهر المقبل، مثنيا على موقف القوى اللبنانية المختلفة التي رفضت المشاركة فيه.
أما في ملف الحكومة والمناكفات الداخلية، سيؤكد نصرالله تمسك حزب الله بمواقفه «المبدئية» لجهة اصراره على تمثيل حلفائه السنة المنضوين في ما بات يُعرف بـ «اللقاء التشاوري» وبوجوب ان يكون تمثيلهم حقيقياً غير مصطنع، رغم التداعيات التي يتركها هذا الموقف على علاقته بالتيار الوطني الحر ورئاسة الجمهورية الممتعضان كثيرا لما آلت اليه الأمور حكوميا. فبالنهاية فبهذا الملف وفي سواه من الملفات لا يتردد الحزب بالتأكيد ان الاولوية اليوم هي لحلفه مع «سنة 8 آذار»، مع حرصه الى حد بعيد على حلفه مع التيار على قاعدة سعيه لتوسيع رقعة تأييده لدى مختلف الطوائف والمذاهب. أما واذا اضطر الحزب ليتخذ موقفا الى جانب بري او التيار في اي من القضايا المطروحة أو التي ستطرح في المستقبل، فهو ومتى فشل في ايجاد القواسم المشتركة بينهما، لن يتردد بأن يبدّي تحالفه مع رئيس المجلس النيابي على اي تحالف آخر على قاعدة ان استقرار البيت الشيعي يبقى أولوية الأولويات بالنسبة له.