لقاءان مهمان في ظرف أقل من أسبوع للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، مع رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل ثم مع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية. واللقاءان جاءا في ظل تحولات واسعة ومفصلية تشهدها المنطقة فضلاً عن أزمة اقتصادية تهدد وضع لبنان الاقتصادي. وكأن “حزب الله” أعلن حالة طوارئ سياسية ومالية للأيام المقبلة التي ستشهد مزيداً من التنسيق في المواقف بين الحلفاء تستبق خطوات ممكنة على الأرض لم يحدد زمانها بعد.
بعد أربعة أيام على لقائه المطوّل مع باسيل، استقبل نصرالله فرنجية. وكما في اللقاء مع باسيل استمر اللقاء مع فرنجية قرابة سبع ساعات، وكما كان اللقاء ودياً مع باسيل كذلك كان ودياً مع فرنجية. وتخللت اللقاءين مأدبة عشاء، وفي اللقاءين أيضاً لم يتم التطرق إلى ملف رئاسة الجمهورية. يحرص “حزب الله” على علاقاته مع الحلفاء. يحافظ على اللياقات معهم، محاولاً قدر المستطاع المساواة في ما بينهم، وذلك من باب قطع الطريق على التحليلات والأقاويل لا سيما وأنه أمام زعيم ماروني من جهة، ورئيس أكبر تكتل نيابي ورئيس تيار سياسي كبير من جهة ثانية. هما عملياً حليفان “متباعدان” في النظرة ومجتمعان على الطموح بالوصول إلى رئاسة الجمهورية. وإذا كان كل منهما يحاول القول إنه الحليف الأقرب لـ”حزب الله”، فالأخير لا يقصّر في إعطاء كل ذي حق حقه كي لا يقال إنه يزكّي باسيل على فرنجية أو يفهم استقباله لباسيل وكأنه ترجيح لكفته للرئاسة على حساب فرنجية.يسير “حزب الله” بين خطوط الملف الرئاسي محاذراً المسّ بمقام رئيس خاض معركة وصوله إلى بعبدا وصفه السيد نصرالله ذات يوم بـ”الجبل الذي لا يُباع ولا يُشترى”.
وإذا كان اللقاء مع باسيل تناول “جملة قضايا اقتصادية ومالية والاتفاق على خطة تحرك للمرحلة المقبلة داخل مجلس الوزراء وخارجه” فإن اللقاء مع فرنجية “لم يخرج عن السياق نفسه وإن أضيف إليه عامل طمأنة الحليف إلى أن البحث مع باسيل لم يتطرق من قريب أو بعيد إلى ملف رئاسة الجمهورية”، وأن اللقاءات التي يجريها نصرالله وهي في إطار التوسع، إنما الهدف منها “إعادة التموضع في ما يتعلق بمناقشة موازنة العام 2020 وموضوع الذهاب الى سوريا، وأهمية توحيد الموقف بين القوى الحليفة داخل مجلس الوزراء والاتفاق على جملة ملفات على صلة بكل الموضوعات الداخلية”.
يجزم “حزب الله” أنّ موضوع رئاسة الجمهورية لم يتمّ التطرق إليه من قريب أو بعيد في اللقاءين، وأن هذا الموضوع يبقى خارج التغطية وبحثه غير وارد طالما في بعبدا “جبل اسمه ميشال عون”.
وتقول أوساط مقربة منه أن في اللقاءين مع باسيل وفرنجية جرى نقاش واسع للموضوع الإقليمي والمحلي ما يبرر الساعات السبع التي استغرقها كل منهما، خصوصاً وأن اللقاء مع فرنجية جاء بعد فترة من الزمن شهدت المنطقة خلالها المزيد من التحولات الإقليمية من سوريا إلى اليمن والعراق والمفاوضات الأميركية الإيرانية.
في توصيفه، يرى “حزب الله” أن اللقاء الأول كما الثاني تمّ مع “حليفين مهمّين” وتمّ التركيز على الملف الاقتصادي وتحوّل الاقتصاد من اقتصاد ريعي إلى إقتصاد انتاجي ورفض الضرائب المباشرة على الناس.
كما تمّ الاتفاق على ضرورة المحافظة على الاستقرار النقدي وأن لا موازنة من دون إصلاحات. وتم التطرق إلى الاملاك البحرية ورفع الفائدة. بمعنى آخر لم يدع الطرفان شاردة وواردة في السياسة والاقتصاد إلا وتمّ التطرق إليها، وما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة من تطورات، على أن “حزب الله” الذي يضع مسألة النزول إلى الشارع من ضمن خياراته، فهو لم يحدّد بعد متى سينزل إلى الشارع وكيف ولماذا وضمن أية ظروف؟
فضلاً عن ذلك فإنه يبارك عودة العلاقات اللبنانية – السورية ويؤيد الحوار المباشر بين البلدين وهو يوافق باسيل في موقفه الذهاب إلى سوريا، وقد كان من المشجعين عليه ومستعد لتقديم أي مساعدة في هذا الأطار. أما تيار “المردة”، فقد وصفت مصادره اللقاء بين السيد والبيك بأنه “جيد ويندرج ضمن اللقاء الدوري للتداول في أمور الساعة”، موضحةً أنه “شهد جولة أفق على كل المستويات من شرق الفرات إلى التطورات في تركيا وسوريا والدور الروسي”، وقالت مصادر المردة: “للسيّد نصرالله وجهة نظر لما يحصل في المنطقة والتحولات التي نشهدها ووضع “داعش” وما المطلوب في المرحلة المقبلة، بينما محلياً تم الحديث عن الأزمة الاقتصادية والاقتراحات والحلول الممكنة والإصلاحات المطلوبة”. وجزمت المصادر بعدم التطرق خلال اللقاء إلى ملف رئاسة الجمهورية، إنما “كان الملف الإقليمي طاغياً”.
بيان “حزب الله”
وجاء في بيان وزعه “حزب الله” أن اللقاء الذي جرى بحضور وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس والمعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين الخليل شهد “بحثاً معمقاً وشاملاً في مختلف التطورات الإقليميّة لا سيما آخر المستجدات على الساحتين العراقية والسورية”. وفيما “يؤكد الطرفان على موقفهما المعروف بضرورة عودة العلاقات بين لبنان وسوريا الى وضعها الطبيعي، يجددان التأكيد على ضرورة الحوار المباشر والرسمي مع الحكومة السورية، خصوصاً في مجالين هامّين هما الإستفادة من الفرصة الكبيرة التي تتيحها إعادة إفتتاح معبر البوكمال لتعزيز الصادرات اللبنانية عبر سوريا إلى العراق، والعمل المشترك مع الحكومة السورية في مسألة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وتخفيف الأعباء الإقتصادية والإجتماعية الكبيرة على لبنان”.