مهما تحدثت عن السيد حسن نصرالله فلن أفي هذا الرجل حقه، فهو مقاتل شرس حتى وإن كان يقبع بخندق، ومسلم أمين حتى وإن نطق كفراً، وقائد فذ حتى وإن كان السبب المباشر في نقل جثث جنوده على «بغال» من سورية إلى لبنان، هو باختصار يجمع كل تلك الميزات وأكثر، ويحق له أن يخرج علينا بكل ثقة ليردد ما قاله أخونا راشد بن أبي ماجد،
«أنا الأبيض إذا غيري تلون،
وأنا الصابر إذا ربعي عصوني،
وأنا العاقل إذا وقتي تجنن،
وأنا المجنون وعاجبني جنوني».
هذا ملخص السيد حسن نصرالله، الأسطورة التي لوى أتباعها عنق الخرافات ليجعلوا منه اليماني الذي تذكر رواياتهم بأنه سيخرج مع السفياني والمهدي. إذاً باختصار هو مقدس يتهم أهل السنة بالكفر وينادي بالبدع، تُرى هل هناك هرطقة أكثر من تلك؟
ذلك هو حسنهم والذي يدور ويدور حول مصطلح الوهابية ليقنع العالم بأنهم تكفيريون أيضاً، ومن لم يقتنع فعليه العودة إلى خطبته العصماء التي ألقاها قبل يومين، فمالذي يقوله كبير العلماء الفاتح المنتظر والمجدد والحريص على الإسلام؟
باختصار هو يردد ولا يقول، يردد ما يمليه عليه معممي قم، ويخترع قصصاً وروايات، ليخلص في نهاية المطاف إلى أن السعودية تتحمل مسؤولية التيار التكفيري، ويتهم مؤسستها الدينية بأنها تنشر الفكر الداعشي، ويتهم المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بوضع أسس الإرهاب حين يقول: «عمق هذا الفكر هو الفكر الوهابي، الوهابية، هؤلاء ليسوا أتباع محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، هؤلاء أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، هذه الوهابية التي عمل على نشرها وتوزيعها ودعمها في كل أنحاء العالم».
حسنا هذا ما يقوله السيد، ويبدو أن جلّ طموحه يكمن في أن ينقل عنه ذلك الهراء إلى العامة، لكن دعونا نتساءل، من هو التكفيري الحقيقي، هل هو ذلك الشاب الذي انحرف عن جادة الصواب وأصبح مجرماً شأنه شأن أي مجرم منحرف، أم ذلك الرجل الذي يتهمه بالتكفير، ومن ثم يقوم بشتم الصحابة وزوجة الرسول، ويطعن بكل ما يختلف معه ويقتل المسلمين على الهوية، وينادي بالبدع والضلالة؟
مثلما قال نصرالله سأقول، فهو استشهد بفتاوى نسبها لعلماء لاقوا وجه ربهم، بعضها تم التراجع عنها، وهو ما لم يجرؤ على قوله، فهل يا ترى تسعف الذاكرة نصرالله لبعض فتاوى علمائه، أم انه بحاجة لنسردها عليه؟
شخصياً لا أحبذ الخوض في مثل هذا النقاش، لأن هناك من هو أجدر مني بالرد على هرطقة نصرالله بالدليل والبرهان، لكن ما يهمني هو التأكيد على أهمية تجنب نصرالله رمي بيوت الآخرين بالحجارة، خصوصاً وأن بيته من زجاج، أما اللجوء لهذا الأسلوب الرخيص فلا يدل إلا على أن الرجل الموصوف بالمفوّه أصبح أبكماً فكرياً، عاجزاً عن تقديم الحجة والإقناع، فالمشكلة أن كل من خالف فكره وعقيدته أصبح تكفيرياًَ، أما من يتفق معه ويناصره فذلك هو المسلم الحق. هذا ما يريده أمين حزب الله باختصار.
نصرالله الملطخة يداه بدماء السوريين ومن قبلهم لبنانيين سيتهم ويزوّر ويدلّس، فتلك هي سياسته وسياسة من يدعمونه، لكن لن يستمر ذلك طويلاً، فالأوراق أصبحت مكشوفة وواضحة جداً، من يحارب الإرهاب، ومن يزكيه، فهو يدرك علاقة القاعدة بإيران التي تغذيه، ويدرك جيداً أن السعودية من أوائل الدول التي شرعت ونظمت طرق وسبل مكافحة الإرهاب، ولها في ذلك جهد دولي لن يتمكن نصرالله من رؤيته، شأنه شأن باقي الأقزام الذين يرددون خلفه لبيك يا نصرالله.
من السهولة التقوّل وسوق التهم، لكن الحقيقة لا تحجب بغربال، لذلك لم نستغرب تطاول نصرالله ومن معه على الشيخ المجدد، فإذا كان الصحابة وزوجة الرسول عليه الصلاة والسلام لم يسلموا من لسانه ومن يتبعه، فهل سيسلم الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمة الله عليه أو أي من طلابه؟
أجزم أن الحسين رضي الله عنه لو كان موجوداً في هذا الزمن لكان أول من تبرأ من نصرالله ومن ينادي خلفه، لكذبهم ونفاقهم وبدعهم.