قد تكون المرة الأولى التي تُعقد فيها جلسة الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و «حزب الله»، من دون أن تكون الأجواء بين الطرفين ملبّدة بغيوم المواقف السياسية النارية التي كانت الجلسات العشرون السابقة تعمل على تبريدها، التزاماً بالعنوان العريض لهذا الحوار وهو التخفيف من الاحتقان في الشارع وقطع الطريق على الفتنة.
ويبدو أن الطرفين سيذهبان الى عين التينة يوم الثلاثاء المقبل لعقد الجلسة الـ 21 من الحوار الثنائي على وقع الأجواء الإيجابية الناتجة عن مبادرة التسوية الشاملة التي أطلقها السيد حسن نصرالله وتلقّف الرئيس سعد الحريري لها، وفي ظل تضامن وطني فرضه التفجيران الانتحاريان في برج البراجنة، وتوافق كامل على تحصين الجبهة الداخلية وعلى دعم القوى الأمنية في محاربتها للإرهاب.
وتشير المعطيات الى أن هذه العناصر الإيجابية مجتمِعة، من المفترض أن تعطي زخماً غير مسبوق لنسخة الحوار الحادية والعشرين، بشكل يسمح للطرفين بالانتقال من أحاديث النيات والمبادئ ومعالجة بعض الأمور الميدانية، الى التفاهم على خطوات عملانية جدية تساهم في تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، وفي إعطاء مزيد من الدفع للخطط الأمنية في بعض المناطق اللبنانية، لا سيما في البقاع، وفي رفع وتيرة التنسيق المتعلق بتخفيف الاحتقان السياسي، فضلاً عن مواجهة بعض حالات الشغب التي تمارس على هذا الحوار.
وتشير مصادر مطلعة على أجواء الحوار لـ»السفير» الى أنه من المفترض أن تكون وجهات النظر بين الطرفين أكثر تقارباً من النواحي المبدئية، خصوصاً أن مبادرة السيد نصرالله ستكون موضع نقاش حقيقي، لكن ذلك لا يمنع أن الشيطان يكمن دائماً في التفاصيل، مشدّدة على أن «تيار المستقبل» وكذلك «حزب الله» مقتنعان بأن مفتاح الحل هو في انتخاب رئيس للجمهورية، وأن التعطيل المخيم على مجلس النواب على قاعدة أنه لا يجوز أن يشرع في ظل غياب رئيس الجمهورية، وعلى مجلس الوزراء الذي يتخبّط بآليات معقدة نتيجة غياب رأس السلطة الدستورية في البلاد، لا يمكن أن يواجه إلا بانتخاب رئيس، لذلك فإن مبادرة السيد نصرالله وتلقفها من قبل الرئيس الحريري من المفترض أن تساهم بوضع الانتخابات الرئاسية في سلم الأولويات.
ويقول عضو فريق «المستقبل» على طاولة الحوار النائب سمير الجسر لـ «السفير»: إن مبادرة السيد نصرالله يجب التأسيس عليها، لذلك تلقفها الرئيس الحريري ورحبنا بها، وأبدى الرئيس نبيه بري استعداده للسير بها، وهي ساهمت في تعزيز الأجواء الايجابية في البلد، وفي إزالة الأجواء التي كانت مشحونة بعد تفجيري برج البراجنة، وهذا ما تجب الاستفادة منه في جلسة الحوار المقبلة للوصول الى قواسم مشتركة تصب في المصلحة اللبنانية العليا.
ويشدد الجسر على أمرين اثنين: انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، والحفاظ على أمن اللبنانيين من خلال دعم الأجهزة المعنية وتزخيم الخطط الأمنية وتنفيذها حيث يجب، كاشفا عن اجتماعات ستعقد بهذا الخصوص بهدف التنسيق بين كل هذه الأجهزة.
كما يشدد الجسر على ضرورة بذل الجهود والعمل على منع أية ظواهر من شأنها أن ترفع منسوب الاحتقان في الشارع، لافتاً الانتباه الى أن «المظاهر المسلحة، ونشاط ما يعرف بسرايا المقاومة في بعض المناطق، والتجاوزات الأمنية المتكررة، والخطب المذهبية العالية النبرة، كلها أمور يجب احتواؤها للحفاظ على ما وصلنا إليه من إيجابيات».