IMLebanon

رسائل نصرالله  والمناخ العربي والاقليمي  

الحساب مفتوح بين حزب الله والعدو الاسرائيلي، وإن جرى تسجيل نوع من التعادل في الرد على عملية القنيطرة بعملية شبعا. وخطاب الأمين العام السيد حسن نصرالله يبدأ سطراً في افتتاح مرحلة جديدة من الصراع، وإن بدا كأنه يضع نقطة في نهاية سطر. فالخطاب مملوء بالرسائل والاشارات التي ليست مرمّزة. معظمها موجّه، بطبائع الأمور وضرورات المرحلة، الى قادة العدو والرأي العام الاسرائيلي. لا بل ان السيد نصرالله كان حريصاً على تذكير الأعداء والأصدقاء بضرورة الانتباه الى محتوى الرسائل، وحتى على صوغ الموجّه منها الى اسرائيل بالفصحى لتأتي الترجمة من العربية الى العبرية دقيقة.

ومن الصعب تصور اللبنانيين الذين ينتظرون التفاوض على الملف النووي الايراني وينظّرون لتأثيره على كل شيء عندنا، يقتنعون بتأكيد السيد نصرالله أنه لا رئاسة الجمهورية مرتبطة بالتفاوض، ولا قرار عملية شبعا، وان القرار لبناني تباركه ايران. لكن من السهل تصور الاسرائيليين ينكبون على القراءة العميقة في الرسائل والاشارات. وهي بالغة الأهمية، بصرف النظر عن مدى أخذ العبر والبحث في الردود. وأبرزها ثلاث.

الأولى هي تكرار السيد نصرالله القول: نحن لا نريد الحرب، لكننا لا نخاف منها. والثانية هي الانتقال من الحفاظ على قواعد الاشتباك منذ حرب تموز ٢٠٠٦ وتحذير اسرائيل من أية محاولة لتغييرها الى تغيير اللعبة نفسها والقول بحسم لا نعترف بقواعد الاشتباك. والثالثة هي ان الجبهة واحدة من الجولان الى شبعا والناقورة، وبالتالي فإن من حقنا الرد في أي مكان على المواجهة في أي مكان. فضلاً عن نقل الحرب الأمنية الى مستوى الحرب العسكرية، بحيث يتحتم الرد على أية عملية اغتيال لأي كادر في المقاومة.

واللبنانيون معنيون بهذه الرسائل، وإن كانت موجهة الى العدو. كذلك الدول العربية التي نفى السيد نصرالله وجودها العملي. وسواء كانت المرحلة الجديدة في الصراع تغيّر الوضع الاستراتيجي مع العدو وتقود الى القدس أم يبقى الستاتيكو الاحتلالي، فإن الوجه الآخر للمسألة هو الأوضاع العربية والاقليمية.

ذلك أن أهمية المقاومة وانتصاراتها هي في أن تكون خططها وأعمالها في اطار حركة نهوض وطني وقومي. ونحن في أوضاع مختلفة تماماً. الصراع المذهبي يضرب المنطقة. والحروب الأهلية المفتوحة على صراعات اقليمية ودولية مشتعلة في سوريا والعراق واليمن وليبيا وبلدان أخرى. والنصر على داعش وكل التنظيمات الارهابية التكفيرية، كما على اسرائيل، في حاجة الى بنية وطنية وقومية، لا الى تركيبات مذهبية. حتى تحرير الأرض، فإنه لا يكتمل الا بالتحرر الوطني والانساني.