IMLebanon

نصر الله جندي نبيل في “عاصفة الحزم”!

حتى في حروبه التي أيدها العرب والمسلمون كافة، ضد العدو الإسرائيلي، يجاهد رئيس “حزب الله” حسن نصر الله، في “شيطنة” الدول العربية السنية، مهما أبدت من حسن نوايا، ودعمت خطوات لبنان ضد اسرائيل، ذلك لتقطف طهران جميع ثمرات نصره، من غير شركاء أو منازعين.

لكن نصر الله هذه المرة، خانه الذكاء الذي اشتهر به، فكانت خطبته الإنفعالية الشهيرة، ضد “عاصفة الحزم”، موقفاً إيجابياً غير منتظر منه، عجّل بإيصال رسالة العاصفة، إلى كل العرب، والسنة في العالم أجمع.

ذلك أن الكثيرين في العالم العربي والإسلامي، غارقون في هموم عواصم ومدن مثخنة بجروحها، وما شاهدوا الطائرات الإيرانية، وهي تدشن جسراً جوياً من طهران إلى صنعاء، محملة بكل العتاد المقدور عليه، بهدف تجهيز حلفائها الحوثيين لمعركة طويلة بدا أن “عاصفة الحزم” عجلت بتوقيتها الإيراني فقط.

الجمهور العربي أيضاً، خصوصاً المغاربي منه، مشغول عن الوضع المشرقي، فمن غير المستبعد أن يكون في غفلة عن تباهي أكابر طهران بأن العاصمة العربية الرابعة، غدت بين أيديهم، يوم اجتاح الحوثيون صنعاء، وشطبوا كل اتفاقات “المبادرة الخليجية”.

وأولئك المغلوبون على أمرهم في سورية، ما كان يتصور أنهم يهتمون كثيراً بتفاصيل فتح الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وابنه ثكنات الجيش اليمني أمام ميليشيات الحوثي، كما لو أنهم فاتحون من عصر هارون الرشيد أو الخلفاء الراشدين!

لكن نصر الله بخطبته المشهودة، أحبط حتى بعض العرب الذين اختاروا منذ حين نهجاً مريحاً هو “حيثما اتجهت السعودية وعرب الخليج فلنبحث عن مسار آخر”. حتى أولئك قطعت جهيزة نصر الله حبال أصواتهم وأحبارهم، قبل أن تنطلق.

لم يكن نصر الله قطعاً مثل اليوم جندياً نبيلاً في معركة عربية خالصة، وإن لم يشأ ذلك. ولربما كان هذا “المقلب” بين حسنات كثيرة للعاصفة، من بينها أنها أخرجت العرب من “نفق الإحباط”، وسمّت أشياء السياسة والإقليم والحلفاء بأسمائها.

يوم أن يتحد العرب أو جزء منهم على الأقل، في مهمة مثل “عاصفة الحزم” أو سواها، فإن الوطن العربي الذي كان وفياً حتى مع جلاديه، متسامحاً مع خونته، لن يخذل من أعطاه أقل القليل، ناهيك عن رجال مثل سلمان بن عبد العزيز وحلفائه، أعادوا له الأمل في “استنشاق الكرامة”، وهواء لا تملك إيران وحلفاؤها والغربيون حبسه أو إطلاقه.

المهمة في غاية الصعوبة، أن تصنع مجداً لأمة باعها الجنرالات لأعدائها، ومكنت فيها الأطماع لكل أنواع الأفاعي والتماسيح والعمائم، ولكن مثلما قالت العرب، “عش عزيزاً أو مت وأنت كريم”.

وإذا كان سيد الفروسية العربية عنتر بن شداد أخبر أن “ليس الكريم على القنا بمحرم”، فإن الذين يخيفون العرب من حرب عدوهم، عليهم أن يفهموا أن التاريخ يوثق، أن هذا الجنس من البشر لم يتفق على شيء واحد ولم يظفر به، منذ يوم ذي قار إلى 73، حتى يوم إطعام رجال الخميني العلقم في حرب الخليج الأولى.

ولكن السؤال هل يستحق رجال طهران وأذناب الشرق أو الغرب، تلك الكرامة التي يريدها بهم رجال الرياض والخليج واشراف الأمة وأحرار العالم؟ اليمنيون هم من يملك ذلك الجواب. أما حسن نصر الله، فأجاب، منذ أن حارب إلى جانب حارس الجولان، وأعطى تل أبيب “صك الأمان”، وهي التي ابتز أمته بحربها وجهادها، ومنحهم على ذلك أغلظ الأيمان، “فإذا الدنيا كما نعرفها”، لا عهد ولا ميثاق!