IMLebanon

نصر الله على «منصات» التهديدات

وقف الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله أمس الاول في أول يوم من عاشوراء هذا العام، ليخطب في الجموع التي احتشدت للاحتفال بالذكرى، فإذ بالخطاب يتسيّس ويتحوّل إلى تهديد مُبطّن ضد شركاء الوطن والمن عليهم بإبقائه على الحكومة، ثم ليعود ويفرد مساحات واسعة لسلاحه واستراتيجية جديدة موعودة بالإبقاء على السلاح طالما أنه الأمل الوحيد بالنسبة الى نصرالله وحزبه، لإبقاء البلد خارج تهديد الإرهاب. ومن المن على اللبنانيين بالأمن والأمان بفضل سلاح حزبه، قفز نصرالله ليرمي سهامه باتجاه السعودية متهماً إياها بالتلكؤ والإهمال المتعمد في قضية حجاج منى.

منذ فترة بعيدة و»حزب الله» منشغل عن قضاياه الأساسية التي على حجتها بنى نشأته وهيكليته وتصوراته المستقبلية وعلى رأسها، مواجهة العدو الإسرائيلي، تحرير القدس، نصرة المظلومين ومحاربة الفساد بأشكاله المتعددة وصولاً إلى تحرير المجتمعات من عبودية الحكومات. واليوم وبعد أكثر من ثلاثين عاماً على رفعه هذه الشعارات، تجوز مساءلة الحزب عن الأهداف التي حققها أقلّه داخل بيئته وليس على مستوى البلد الذي يدّعي حرصه عليه فقط في بياناته الإسبوعية. 

بات اللبنانيون ينتظرون إطلالة نصرالله ونواب كتلة حزبه من منطقة تحولت منذ العام 2006 من عاصمة للمقاومة إلى منصّة إعلامية لإستهداف شركاء الوطن والدول الجارة والشقيقة، ولتتحول البقعة الجغرافية ذاتها مع محيطها الديموغرافي إلى مركز استراتيجي تُدار منه حملات التهديد والتخوين والتحريض واستغلال أوضاع الناس ومآسيها أبشع إستغلال من أجل تحقيق سبق سياسي ولو على حساب أوجاع هذه الناس ومنها حادثة حجّاج منى التي يُصرّ نصرالله على تحميل مسؤوليتها للسعودية ليبني عليها حسابات ضيقة خاصة بالمشروع الذي ينتمي اليه، بالكاد تستطيع أن تمر في إحدى حارات الشام أو أزقة صنعاء.

يبدو أننا نعيش اليوم في وقت تجوز تسميته بزمن «الشراكة» عند «حزب الله». لا ينفك نصرالله ونوابغ يدعون في إطلالاتهم المتكررة إلى الحوار والشراكة الوطنية واستئناف الحياة الدستورية والعودة إلى الإستقرار الامني الجماعي، وقد تناسوا أن الأزمات السياسية والأمنية التي يمر بها البلد سببها ممارساتهم وأنهم أول من عملوا على إلغاء الآخر من خلال إنقلابهم على المواثيق والأعراف يوم أطاحوا حكومة الوحدة الوطنية التي كانت مثلت الفرصة الاكبر أمام اللبنانيين لكي يخرجوا من الاصطفافات الطائفية والمذهبية وذلك بأمر من النظام السوري الذي كان قد بدأ يتأكّل من الداخل ويتهاوى كيانه ومشروعه المصطنع القائم على ظلم شعبه واستبداده.

يطرح نصرالله قانون النسبية كمقدمة وحيدة لعملية إنتخاب رئيس جمهورية ثم يدعو إلى مواصلة الحوار للوصول إلى تفاهم حول قانون للإنتخابات، تماما كما يُعلن اسم النائب ميشال عون كمرشح وحيد للرئاسة ثم يعود ويدعو للإتفاق حول اسم شخصية، وهو ما يندرج ضمن الإزدواجية والتناقض اللذين يمارسهما في سياسته على غرار دعوته الجيش والقوى الأمنية الى ملاحقة المخلّين بالأمن والمرتكبين الذين يسيئون بممارساتهم الى منطقة البقاع وأهله ويشكّلون عامل قلق واضطراب وتهديد للسكان ومصالحهم، في وقت هو من يوفر فيه الحماية لكل هؤلاء إما من خلال منحهم بطاقات حزبية تسهل مرورهم على نقاط التفتيش وتحصنهم من المداهمات، وإما من خلال إرسالهم إلى مناطق آمنة وخاضعة له مثل القصير والقلمون والزبداني وآخرهم تاجر المخدرات نوح زعيتر الذي حظي منذ فترة قصيرة بيوم «استطلاعي» من رتبة «مقاوم».

ومن ضمن الأولويات التي تبدلت لدى «حزب الله» هي جمهوره وتحديداً في ما خص تنصله من المسؤوليات تجاهه، فبعد غياب خطابات الوعود بالنصر ومنها قرب الإنتهاء من «القلمون» و»الزبداني» وقبلها دعوات التحضر لاحتلال «الجليل»، غابت أيضاً لغة إنماء مناطق هذا الجمهور المحرومة من المياه والكهرباء وفرص العمل بحيث تحوّلت كل هذه الخدمات إلى شركات حصرية بيد رجال الحزب فقط وبعض المحسوبين عليه. ومن «عجائب» تبدل الأولويات لدى «حزب الله» أن تتحول المناسبات ذات الطابع الديني «المذهبي» في أحيان عديدة، إلى منصّات يُطلق من خلالها نصرالله و»رجاله» رسائل تهديد إلى الداخل وأخرى تتوعد الأشقاء في الخارج.