IMLebanon

«قواعد نصرالله»: قوة وأمان للبنان

«قواعد نصرالله»: قوة وأمان للبنان

عن المقاومة والمراهنين على كسرها.. و«أشباح الجليل»

لم يتفاجأ «حزب الله» باعتراض فريق «14 آذار» على عملية مزارع شبعا وعلى إعلان السيد حسن نصرالله كسر «قواعد الاشتباك» مع العدو، وعودة هذا الفريق الى اسطوانة «قرار الحرب والسلم» و «مرجعية الدولة».

أدار «حزب الله» الأذن الطرشاء، وقرر ألا يسمع لا سمير جعجع، ولا «الوزير الحديث العهد في السياسة الباحث عن مشكل، فقط لكي يحجز لنفسه مكانا في الصورة»، بحسب التوصيف الحزبي، ولا فؤاد السنيورة أو «الأمانة العامة»، ولا ميشال سليمان وبيانه الملتبس بعد عملية المزارع، كأنه لم يصدق بعد أنه خرج من القصر الجمهوري وصار عاطلا من العمل الرئاسي!

هي أسطوانة قديمة جديدة، وهي مزعجة لـ «حزب الله» وجمهوره، لكن الحزب لا يبدو راغبا في مساجلة أصحابها، فهي لم تؤثر ولا تؤثر، على جوهر المقاومة ووظيفتها وقرارها، لا قبل عملية المزارع ولا بعدها. وهي نتاج طبيعي لـ «العصر السيادي» الذي يبعد عن المقاومة مسافات ضوئية، وأبطاله كما يراهم «حزب الله» هم «مجموعة مستفـَزِّين» ليس فقط من وظيفة المقاومة، بل من أصل وجودها، ولطالما اعتبروها «عبثية» أو «مغامرة» ولطالما جاهروا بأنها نقيض لهم في الماضي والحاضر والمستقبل!

يشعر «حزب الله» بغضب هؤلاء عليه، كانوا يريدونه ألا يرد على عملية المزارع، لكي يشمتوا: «ها هي اسرائيل ضربتك وأذلتك».

«حزب الله» على يقين أن اسرائيل خيّبت أمل المراهنين على ردها، لكن خيبة الأمل الكبرى كانت في عملية المزارع نفسها وفي اختيار «حزب الله» المكان والزمان للرد على عدوان القنيطرة، فتلك العملية عكست ميزتين للمقاومة: شجاعة الرد وحرفيته، وحكمة اختيار المكان والزمان.

تبعاً لذلك، من الطبيعي في نظر «حزب الله» ألا يكون لأولئك المراهنين ولو مجرد ذكر في خطاب السيد حسن نصرالله. مع أن الحزب يتمنى أن يدركوا ولو لمرة واحدة ما يلي:

اولا، اسرائيل هي المعتدية، وتشكل التهديد والخطر الدائمين على لبنان.

ثانيا، السيد نصرالله كسر قواعد الاشتباك القديمة كلها مع اسرائيل، وبنى قواعد جديدة تشكل عنصر قوة وأمان واستقرار للبنان، قبل أن تكون عنصر قوة وأمان لكل عنصر أو كادر من «حزب الله».

ثالثا، اسرائيل لم ترد، لأنها تدرك أن المقاومة قوية وتملك قدرة الرد والردع.

رابعا، اسرائيل لم ترد، لأن هناك مفاوضات أميركية إيرانية استراتيجية تشكل منعطفا كبيرا على مستوى المنطقة، وليس مسموحا لإسرائيل أميركيا بأن تعطلها.

خامسا، اسرائيل لم ترد لأن الظروف الاقتصادية فيها تجعل أي حرب اسرائيلية واسعة خاسرة قبل ان تبدأ. (قالت صحيفة «ذي ماركر» الاقتصادية قبل عدوان القنيطرة: الشح في الميزانية العسكرية الاسرائيلية، سيقود الى وقف التدريبات العسكرية في أيار المقبل).

سادسا، طبخ نتنياهو السم في القنيطرة، فأكله في مزارع شبعا. كانت ايران بعيدة فاستدعتها الى «حدودها». كان الجولان هادئا لأربعين عاما، فهدمت الهدنة وليس معلوما متى تتدحرج كرة النار فيه. وكان جنوب لبنان هو الجبهة الوحيدة فتوسعت الجبهات الى الجولان وما بعد الجولان. لذلك كما حمّلها بعض حلفائها مسؤولية دفع «حزب الله» لكسر قواعد الاشتباك معها، ستجد من حلفائها ايضا من يدفعها الى الالتزام بقواعد الاشتباك الجديدة التي بناها السيد نصرالله في خطاب تأبين شهداء القنيطرة.

سابعا، كل العالم يقرّ بموقع «حزب الله» ودوره في لبنان وكذلك في الحرب على الإرهاب، والأميركيون أنفسهم سبقوا غيرهم في الإقرار ولو من دون إعلان بأن «حزب الله» شريك أساسي في هذه الحرب. (قال جيفري فيلتمان لوليد جنبلاط في لقائهما الأخير في لندن الشهر الماضي إن واشنطن ترى في «حزب الله» عامل استقرار في لبنان والمحيط..).

ثامنا، التقطت المقاومة زمام المبادرة، وأكدت صدقيتها وأثبتت جهوزيتها وقوة الردع التي تمتلكها لمواجهة اسرائيل، وان قتالها للتكفيريين في سوريا لم يؤثر على قدرتها على القتال في كل الجبهات.

تاسعا، عملية المزارع، بكليتها، هزيمة حرب كاملة. واسرائيل خسرت بعدها حرية التحرك بدون عقاب، وصارت باعتراف صحافتها، منكسرة، مرتبكة، تخاف من «أشباح الجليل» التي استدرجت جيش العدو الى التنقيب عن الأنفاق على الحدود. وأما الاميركيون ففرضوا على نتنياهو «البكاء بصمت» وسط مطالبات متجددة في اسرائيل بتشكيل لجنة تحقيق على غرار لجنة «فينوغراد» للتحقيق في «الهزيمة الجديدة» وتحديد المسؤوليات.