من حق السيد حسن نصر الله أن يطل أمس مبتهجاً ومثله المسؤول الايراني بروجردي بعد العملية الناجحة التي نفّذها “حزب الله” في مزارع شبعا المحتلة ثأرا من العملية الاسرائيلية في القنيطرة ضد الحزب وإيران معا. لكن ما كان ينقص هو انضمام مسؤول من النظام السوري الى المبتهجَين نصرالله وبروجردي. لكن سلوك النظام يبدو وكأن مزارع شبعا لم تعد سورية على رغم انها كذلك حتى الان رسميا، ومثلها القنيطرة التي لم تعد على الخريطة السورية في نظر نظام الاسد. وهكذا أصبحت الاراضي السورية ملعبا للمرشد الايراني بعدما كان لبنان ولا يزال ملعبا لطهران منذ العام 1983.
لا أسف على كل جندي إسرائيلي يُقتل فوق أرض محتلة سواء في لبنان أو سوريا أو أي منطقة عربية تحتلها إسرائيل. إنه احتلال وليتحمل المسؤولية عن احتلاله الذي هو الاطول في التاريخ المعاصر. وكم بدا رئيس الوزراء الاسرائيلي أبله عندما استبق عملية شبعا بإطلاق التهديدات محذّرا من مغبة حدوث ردة فعل على عملية القنيطرة. فما أن حدث الرد حتى راح هو أو من يمثله يدوّر الزوايا لتبرير عدم الرد، وهذا خبر طيّب للبنان الذي وضع يده على قلبه من أن يدفع من كيسه ثمن إعادة الإعتبار للمرشد الايراني.
كم نتمنى أن تكون الحلوى التي وزعها أنصار “حزب الله” بعد عملية شبعا خاتمة الاحزان، لكن للأسف ليس هناك من خاتمة للاحزان التي تستمر في لبنان وسوريا وفلسطين وغالبية أقطار المنطقة. ومعظم التحليلات الغربية لا تبشّر لبنان تحديدا بالخير. فـ”الايكونوميست” البريطانية تقول ان توازن الردع بين إسرائيل و”حزب الله” الذي نشأ في حرب 2006 “يتآكل… والتدهور المقبل إذا ما وقع سيكون أصعب على الإحتواء”. إذا كانت الإعتبارات الاميركية التي أمْلت في مواجهة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 أن تقف واشنطن في مواجهة إسرائيل في تلك الايام، فإن اعتبارات مماثلة اقتضت الآن من الادارة الاميركية ان تقف في وجه الشغب الاسرائيلي على المفاوضات الاميركية – الايرانية حول الملف النووي. وهذه فرصة سانحة مرّت خلالها عملية شبعا لم تكن موجودة إطلاقا عام 2006. وهذا ما يستحق أن يعلو الصوت من أجله بعبارة “شكراً أميركا” على غرار لافتات “حزب الله” التي ارتفعت بعد حرب 2006 بعبارة “شكرا قطر”.
وسط هذه الصورة يطل كئيبا الموقف الرسمي اللبناني الذي يستحق الشفقة. لا ينفع هنا أن يقال، كما يقول المصريون باللغة العامية، “جَتْ سليمة” ليبرّر مجلس الوزراء لغته الخشبية ويبرّر مجلس النواب صمته. بعض المسؤولين يقولون في سرّهم “فخّار يكسّر بعضو” في إشارة الى ان لبنان لم يُصب بأذى حتى الان. لكن هناك من يخشى “أن لا تسلم الجرّة في كل مرّة”. وفيما بدا الوزير قزي يتيماً في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء يتحدث عن خرق “حزب الله” للقرار 1701، وهو فعلا خرَق القرار، يجب على لبنان الانتباه أن لا يصبح قريبا طبق حلوى على مفترق المثلث الاميركي – الايراني – الاسرائيلي ولا تنفع عندئذ نظرية “الثور الاسود والثور الابيض”.