من خارج سياق أي مناسبة سياسية او حزبية او روحية قرر الأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله ان يطل على اللبنانيين مساء اليوم الجمعة، في كلمة قيل إنها تتناول الانتخابات الرئاسية في لبنان.. وقد دخل الشغور في هذا الموقع يومه الثاني عشر بعد الستماية، ولم يحرك في الافرقاء المعنيين ما يكفي لادراك ما يترك هذا من مخاطر على جميع الأصعدة..
في رأي عدد من المتابعين، ان لا جديد يذكر في كلمة السيد نصر الله، وهو سيعيد تأكيد التزامه الأدبي والأخلاقي مع حليفه العماد ميشال عون.. وفي رأي آخرين، ان الامين العام لـ»حزب الله« لو لم يكن عنده »جديد ما« لما كان أطل قبل نحو اسبوع من موعد جلسة انتخاب الرئيس المقررة في الثامن من شباط المقبل، وغالبية الافرقاء المعنيين يجمعون على ان هذه الجلسة لن تحمل جديداً وستلحق بسابقاتها..؟!
لكن السؤال ما هو الجديد؟ سؤال طرح لكن أحداً، حتى من أقرب المقربين الى الحزب، يملك جواباً.. والرد الوحيد سيكون في الثامنة والنصف من مساء اليوم..
الذين يتوقعون جديداً ما، يلفتون النظر الى أمور عديدة طرأت في بحر الأيام العشرة الماضية، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، انسداد الآفاق في وجه »اعلان معراب«، الذي تمّ بين أبرز مكونين مسيحيين – مارونيين ميشال عون وسمير جعجع الذي طوى ملف ترشحه للرئاسة وعلى مرأى ومسمع من اللبنانيين كافة والعالم، وسلمه باليد الى منافسه المفترض ميشال عون وفق صيغة »النقاط العشر« التي شكلت خطة عمل المرحلة المقبلة.. والتي لم يبد »حزب الله« رأيه فيها بعد، وان فعل فهو يركز على بند »إسرائيل عدو«.. وهو، أي الحزب، لم يعد قادراً على ادارة ظهره للانتقادات التي يتعرض لها، من مقربين وأنصار وحلفاء ومحايدين وخصوم، جراء تجاهله ذلك، والمضي في سياسة »النأي بالنفس وكأنه في عالم آخر..«؟!
الجنرال عون يريد جواباً وموقفاً، وقد سلمه »حليفه اللدود« جعجع مفاتيح العبور الى القصر الرئاسي، على ان يتولى »حزب الله« مهمة خرق التحصينات، ولم يفعل.. كما ان موقفه من المرشح المنافس، والحليف، وإبن البيئة السياسية الواحدة، النائب سليمان فرنجية فاض به ولم يعد قادراً على تحمل المزيد من »بيع الحكي« والتجاهل والصمت.. وقد كان فرنجية بعد خروجه من جلسة حوار عين التينة أول من أمس، واضحاً بما فيه الكفاية مؤكداً الاستمرار بترشحه للرئاسة« قائلاً وبالفم الملآن »سبق وقلنا اذا كان هناك »خطة ب« يكون العماد عون »الخطة أ« واذا لم يوافق على »الخطة ب« فلا نعترف بالخطة..« مضيفاً: »ما نتحدث به نلتزم به.. وموقفنا ثابت« ليخلص الى القول متسائلاً: »لا أفهم كيف ينسحب صاحب الـ70 صوتاً (ويقصد نفسه وفق جردة الاصوات) لمن يملك 40 صوتاً« وهو يقصد العماد عون..
الواضح ان »الجرة انكسرت بين الرابية وبنشعي.. وعندما سئل فرنجية عن موقفه من »اعلان معراب« قالها باختصار لافت: »اقرأ تفرح..« ولم يكمل تاركاً للاعلاميين ان يكملوا القول بـ»جرّب تحزن..«؟!.
في أوساط 8 آذار، كما في أوساط 14 آذار، و»البين بين« لم يلق »اعلان معراب« ما كان يرجى له ويتوقع.. حلفاء جعجع اقفلوا الأبواب في وجهه، كما أبواب الآخرين.. والرئيس نبيه بري كما النائب وليد جنبلاط، خرجا عن دائرة الصمت، وقالاها بوضوح لافت »لا لميشال عون رئيساً للجمهورية..« وقد أحس »حزب الله« بحرج لافت ووقع في مأزق وهو يرى ان احتمال وصول حليفه الماروني الى سدة الرئاسة بات من المستحيلات.. لاعتبارات تتداخل فيها الأسباب الدولية والاقليمية والعربية واللبنانية، كما الشخصية، حيث ان أحداً لا يشعر بالارتياح وهو يتعامل مع قائد الجيش السابق وهو يتطلع اليه من فوق ولا يتكلم بغير لغة الأمر لي..«؟!
هذا يعني، وضمن المعطيات القائمة ان لبنان سيبقى من دون رئيس »حتى يأذن القيمون أمراً كان مفعولا..«؟! وهي مسألة بدأت تحرج قيادات ايرانية مع العالم الخارجي.. وقد حملت زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني – الى الفاتيكان ولقاءه البابا فرنسيس، كما زيارته الى فرنسا ولقاؤه الرئيس فرنسوا هولاند، مدلولات كافية للتأكيد على ان هناك تمنيات دولية على طهران للقيام بواجبها والسعي لدى حلفائها في لبنان من أجل ان يرفعوا العارضة من طريق انجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت..
وعلى ما نقلت معلومات (لم تنف ولم تتأكد) فإن الشأن اللبناني – شكل موضوعاً رئيسياً بين هولاند وروحاني.. كما بين هذا الأخير وبابا روما، خصوصاً لجهة اجراء الانتخابات الرئاسية، بالنظر لما لهذا الموقع من أهمية في نظر الغرب (المسيحي) باعتبار أنه الموقع الأول الوحيد في الشرق الاوسط يشغله مسيحي.. واستمرار الشغور فيه على هذا النحو أدى الى خلل في سائر مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية، كما والعسكرية والأمنية، وان بحدود أقل.. في ظل ظروف وتطورات اقليمية وصراعات لا يحتمل لبنان معها المزيد من الانعكاسات التي قد تتطور..
لم يتمكن العماد عون، كما جعجع، من احداث خرق يذكر في صفوف حلفائهما على ضفتي الثامن والرابع عشر من آذار.. وتحديداً مع »المستقبل«، وقد خرج من »الوسطية« كل من الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط، وآخرين.. وهي مسألة، ان دلت على شيء فإنما تدل على ان الأرقام هي في صالح فرنجية وليست في صالح عون..
لكن السؤال يبقى، هل يقدم »حزب الله« على خطوة الاعتذار من حليفه عون ويغسل يديه من المسؤولية؟
تؤكد مصادر متابعة، ان السيد نصر الله، متمسك بتحالفه مع العماد عون حتى »الرمق الأخير« وهو لن يتخلى عنه وسيبقى على قناعته بأن »عون ممر الزامي لرئاسة الجمهورية«. وأي شيء سيحصل سيكون بالاتفاق مع »جنرال الرابية« طال الشغور الرئاسي أم قصر..؟!