يوماً بعد يوم، تتضاءل فرص إقرار الهبة الإيرانية في مجلس الوزراء، في ظل المعارضة الشرسة التي يبديها وزراء «14 آذار» للأمر بضغط أميركي.
والحال أن موضوع الهبة بُحث بتفاصيله في اللقاء الذي عُقد أمس الاول بين الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ووزير الدفاع سمير مقبل، إضافة الى مواضيع اخرى تفرض نفسها على الساحة ومن بينها تقديم الدعم الى الجيش اللبناني في إجراءاته الأمنية.
ولعل الخرق المهم في العلاقة بين الجانبين تحقق عبر الزيارة نفسها، ومن المعروف أن مقبل يحتفظ بالولاء سياسيا للرئيس ميشال سليمان، ولكن يبدو أنّ زيارة مقبل الى طهران قبل مدة وجيزة مهدت لانفتاحه على «حزب الله». لكن هذا الامر، وان كان يبدو مفيداً من ناحية، إلا انه من الصعوبة بمكان أن يحقق خرقاً في مجلس الوزراء على صعيد قبول الهبة التي ترفض قوى «14 آذار» تمريرها، من ناحية أخرى.
في اللقاء مع «السيد» الذي اتسم بـ«الكثير من الإيجابية»، حسب أوساط متابعة، كان مقبل سعيداً بالتطور السريع للعلاقة بين الجانبين، وأسهب في الحديث عن زيارته الى ايران، متناولا التقدم الكبير على صعيد الصناعة الحربية الايرانية والتطور في مجال السلاح والمصانع. وسمع كلاماً من نصر الله من قبيل أن الهبة الإيرانية لن تكون لها علاقة بأية التزامات أخرى لبنانية، مالية أو سياسية أو سواها.
وكان السؤال من قبل السيد نصر الله الى مقبل: «لماذا الرفض الفوري للهبة وعدم درسها في مجلس الوزراء؟»، هذا مع العلم ان مقبل سمع ايضا كلاما ان ايران تقيّم عاليا أهمية الجيش اللبناني ولديها النية لدعمه وتقويته وتعزيزه.
وكان رد مقبل انه سيحاول جهده إقناع الأفرقاء الباقين بجدوى الهبة التي تلقى معارضة أميركية في ظل العقوبات على طهران. وفي هذا الإطار، ذكّر «السيد» مقبل بموقف رئيس إقليم كردستان في العراق مسعود برزاني، الذي أجرى صفقة سلاح علنية مع إيران وذلك برغم العقوبات على الاخيرة، علما أن أربيل تحتفظ بعلاقة وطيدة مع الولايات المتحدة الأميركية وتعد جزءاً أساسياً في الحرب الحالية التي تشنها الإدارة الأميركية بوجه تنظيم «داعش».
وسمع مقبل ايضا كلاما جادا من قبل نصر الله حول دعم «حزب الله» الكامل للجيش ولمهامه، خاصة في ظل معركته اليوم بوجه الإرهاب والتكفير الذي يهدد المنطقة بأكملها، إضافة الى أهمية الاستقرار الداخلي بالنسبة الى الحزب ودعم الأجهزة الأمنية في إجراءاتها.
وتشير أوساط متابعة لموضوع الهبة إلى أن من يعترض عليها «لا يخدم مصلحة لبنان في مكافحة الإرهاب»، في الوقت الذي يعيش فيه هذا البلد ظرفاً صعباً، كما ان الجيش يحتاج إلى الدعم لكي يتمكن من مواجهة الإرهاب والاعتداءات التي تستهدفه. إلا ان طهران، في الوقت عينه، لا تريد للحكومة أن تشعر بالإحراج جراء موضوع الهبة.
على أن مهمة مقبل في إقناع الأفرقاء الآخرين في مجلس الوزراء بموضوع الهبة العسكرية الإيرانية تبدو بالغة الصعوبة، حسب متابعين للموضوع، ومن غير المنتظر أن يقر مجلس الوزراء الهبة، والتي أرجأ المجلس البت فيها أکثر من مرة. علما ان الحكومة تحاول رمي الكرة في ملعب المؤسسة العسكرية لدراستها أولا من قبل إحدى لجانه، ومن ثم بحثها في الحكومة. إلا ان أوساطا متابعة تستبعد هذا الأمر وتؤكد ان الموضوع برمّته هو في ملعب الحكومة ويجب أن تخضع الهبة الايرانية لموافقتها، وعند ذلك فقط تبني المؤسسة العسكرية على الأمر مقتضاه.
وتشير الأوساط الى ان زيارة مقبل الى ايران جاءت بناء على دعوة وجهت الى وزير الدفاع وليس الى قيادة الجيش اللبناني التي ليس عليها قبول الهبة أو رفضها! وتضيف ان هذا الامر هو أسوة بقبول هبة المليار دولار السعودية، التي قبلتها الحكومة ومن ثم بحثت تفاصيل الأمر مع الجيش اللبناني، في خطوة لاحقة.