IMLebanon

نصر الله والخيانة والسلاح؟!

فيما يجاهر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بانه من جيش الفقيه، فهو لا ينتظر اتهامه بالخيانة العظمى، لاسيما انه يربط مصير الحزب عموما ومصيره خصوصا بالدولة الاسلامية في ايران، مع كل ما يعنيه الربط من معنى ومبنى سياسي ووطني بل لان من المستحيل القول انه غير معني بالوضع اللبناني العام، حيث له تفسيرات بهذا المعنى لا يصل فيها الى حد الاعتراف بما للوطن عليه من متطلبات (…)

وللمرة الثانية في اسبوع واحد اطلق نصر الله التزام حزب الله بولاية الفقيه «لمواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة ومقاومة اسرائيل والعمل على رفع جهوزية المقاومة بما في ذلك امتلاك كل السلاح الذي تحتاج اليه وكل القدرات للدفاع عن لبنان ومواجهة اي عدوان او اية حماقة يمكن  ان تصدر عن العدو الاسرائيلي. الى هنا وكل شيء مقبول منه ليس لانه مستقل في قراره السياسي، بل لان  الحال العامة تتطلب استعدادا مستمرا من حزب الله لتجنب كل ما من شأنه استباحة الارض اللبنانية، وقد وصل نصر الله في هجمته السياسية  الى حد ادانة «الاستباحة السعودية لكل المحرمات (…)

وفي كلام نصر الله على كارثة الحج في منى التي اعادها الى الاهمال والفشل والتقصير، وجدد دعوته الى عدم نسيان هذه الفاجعة، فقد دعا القيادات السياسية في لبنان الى عدم انتظار التطورات في المنطقة لان يحسموا امرهم بعيدا من المكابرة وكأنه بذلك لم يكابر يوما مع العلم ان كل كلمة صدرت عنه تحتاج الى محاسبة سياسية من الواجب العمل بموجبها، على اساس الحوار الوطني الذي يجسده مجلس النواب بوجه غير حق، طالما ان المجلس لم يقدر الى الان الانعقاد لعدة اسباب في مقدمها عدم انتخاب رئيس للجمهورية، بمعزل عن طاولة الحوار التي تبدو بدورها بعيدة المنال، نظرا لتمسك سماحة السيد بقرارات ومواقف من شأنها المتاجرة بالرئيس العتيد (…)

ان رفض السيد الاتهامات بتعطيل الانتخابات الرئاسية يعني اعترافا ضمنيا بأن حزب الله ضالع في التعطيل، مع انه يرى ان سبب التعطيل هو «امتناع الفريق الاخر عن انتخاب الممثل الحقيقي والصحيح والمناسب للرئاسة الاولى»، من دون ان ينسى ضرورة السير قدما في الحوار الجدي الذي لا يرى بديلا منه (…) خصوصا ان استبعاد حصول تفاهم ايراني – سعودي على بعض الامور المحلية من القضايا المستبعدة تماما من قاموس حزب الله (…)

صحيح ان من مصلحة حزب الله القول انه مستنفر على مدى 24 ساعة في اليوم شرط ان لا يتنازل عن مواقفه، فيما يعرف خصومه انه لا تنازل سياسيا من جانبه، ليس لانه على حق بل لان الباطل مرسوم في كل ما صدر ويصدر عنه، خصوصا عندما ينادي بولاية الفقيه متناسيا دستور بلاده الذي لا بد وان يفهم منه انه «وطني غيور على مصلحة بلاده»، وهذا بدوره من الامور المستبعدة من القاموس السياسي لحزب الله، ولولا هذا التصرف لما كان بوسع احد انتقاد نصر الله على ما يصدر عنه من دون ان يحسب حسابا للشؤون الوطنية التي ينص عليها دستور بلاده؟!

ان السيد عندما ينادي بأنه مع مصلحة ايران لا يخشى لومة لائم، لانه قادر على الدفاع عن نفسه بوسائله الخاصة اي بسلاح المقاومة الذي لا يرى بديلا له مهما اختلفت وجهة النظر العائدة الى هذا الموضوع الذي يعني خروجا على الاصول، ويستدعي محاكمته بتهمة الخيانة العظمى التي لولا السلاح لما كان السيد تجاهلها لانه قادر على حماية نفسه كما سبق القول.

لذا، فان مجريات اللعبة السياسية في البلد تعني احد امرين، اما ان حزب الله لا يريد دولة تصل الى حد محاسبته، او انه يتطلع الى دولة لا اصول سياسية – دستورية فيها ولا فروع؟!

اللافت في كلام نصر الله الايراني انه يعبر عن وجهة طهران التي تتجنب الخوض في تفاصيل ما قاله في مجالس عزاء ذكرى عاشوراء، فيما يعرف انه عندما يرفع وتيرة ما يرد على لسانه فانه يفهمه بالشكل القائل ان الدولة مقصرة عن محاسبته وغيره لانه يملك السلاح وليس لاي سبب اخر، خصوصا ان استعادة لغة الحرب تأتي من طرف حزب الله وليس من اي طرف اخر، حيث لكل وجهة نظر مغايرة يستحيل على احد تفهمها، كون قائلها ينطلق من قدرات امنية ليس بوسع احد محاسبته عليها؟!

ان نصر الله عندما يقول «لا تنتظروا المخارج من الخارج» فلانه يعرف قدرته على تعقيد الامور بوسائل خارجية سبق العمل بموجبها من غير ان يحسب حسابا لمن  يمكن ان يتهمه بالخيانة العظمى، التي تعني صراحة ان  «دولتنا مقصرة عن القيام بواجباتها، وهي مستمرة في ذلك لان السلاح يلعب دوره في هذا المجال غير السياسي وغير الوطني(…).