Site icon IMLebanon

عيون نصرالله وصواريخ نصرالله

 

آن الأوان لنتساءل : أما من قاع لهذا القاع…؟!

 

بادئ بدء، ما هذه الضحكة التي جلجلت في الضاحية، بل وجلجلت في المنطقة، «اذا كان صاروخ من غزة قد فعل كل هذا، ماذا يمكن لآلاف الصواريخ من لبنان أن تفعل ؟».

 

ربما قد تكون نقطة الضعف في القطاع الحاجة الى طائرات من دون طيارDrones) ) التي يمكن أن تصبح في حوزتهم ذات يوم.

 

هذه الطائرات اذ تتلاعب بأعصاب القبة الحديدية، وبأعصاب شبكات الرادار، باستطاعتها أن تربك الطائرات الاسرائيلية، بل وتشتتها، وتحول بينها وبين الأداء الاوركسترالي، في حال بثت ذبذبات الكترونية كثيفة، وهي تحلق بين الطائرات المغيرة.

 

هكذا تكتمل، وتتكامل، أي منظومة دفاعية، في وجه الأرمادا الجوية الاسرائيلية، بمئات القاذفات الأكثر تطوراً، والأكثر تعقيداً، في العالم.

 

خبراء أوروبيون، وحتى اسرائيليون، يرون «أن الفاعلية الخارقة في الفلسفة العسكرية لحزب الله لا بد ان تتجلى في أي حرب مقبلة بنقل حرب العصابات من الأرض الى الجو».

 

حين كانت ادارة دونالد ترامب تواصل قراراتها في اغتصاب أراضي العرب، ومقدسات العرب، كان مايك بومبيو يطلق مواقفه الصارخة ضد الحزب الذي على قاب قوسين أو أدنى منه.

 

هذا دليل على ماذا؟ هنا الجدار العسكري، والجدار السياسي، الذي لا تستطيع الآلة الاسبارطية اختراقه. لا نبالغ البتة حين نتحدث عن استراتيجية القوة لدى حزب الله، وعن الطرق المعقدة لتفعيل هذه القوة، ناهيك عن استخدام التقنيات الأكثر تطوراً والتي لا بد أن تصدم الجنرالات في اسرائيل.

 

لا نتصور أن بومبيو كان مبتهجاً لرؤية تلك «الوجوه البهيجة» حوله في حفل العشاء الفاخر. سأل ما اذا كان الكافيار «شغل ايران»، تناول بعضاً منه مع النبيذ. حاول الظهور بمظهر من يتنقل بين بيوت الأهل. رأسه في مكان آخر «أليست عيون نصرالله موجودة هنا؟».

 

هل يحق لنا القول «عيون نصرالله وصواريخ نصرالله»؟ أصغى باهتمام لأحد الذين التقاهم «ثمة خط أحمر للضغط على لبنان وعلى الحزب. لتكن خطواتكم محسوبة بميزان الذهب».

 

الذين في لبنان حاولوا، ويحاولون، ان يغرزوا السكين في الخاصرة. الذين رأوا في بومبيو «المبعوث الالهي» الذي حط بينهم ليبشر بالخلاص. هؤلاء يدركون أن الذي يحمي لبنان الجيش اللبناني، والترسانة الصاروخية، والبشرية، لدى المقاومة. لا أميركا، ولا الظلال (والترسبات) المتبقية من القرن التاسع عشر.

 

باستطاعة اللبنانيين ان يناموا على حرير (لم نقل… حرير الحريري). لا حرب على لبنان، لا اليوم ولا غداً ولا بعدغد. هذا شريطة ألاً يكون هناك ثامر السبهان آخر، وتوابعه في لبنان. الذين لم يفقهوا ما كان يرمي اليه احتجاز رئيس الحكومة، والاتيان بالبديل الذي يقود الجمهورية الى الخراب.

 

شيء هام ان يعلن الدكتور سمير جعجع رفض الربط بين عودة النازحين والحل السياسي الذي قد يستغرق عشرين عاماً ما دامت الدول التي ترعى المعارضة (ولو بوجبات الشعير) تخوض صراعاً دراماتيكياً قي ما بينها.

 

لم تعلم بعد أن الدولة في سوريا قد عادت، وان الدور السوري في الطريق الى العودة. الدور في المنطقة لا في لبنان. لا بد أن تتوارى، كلياً، صورة غازي كنعان وصورة رستم غزالي.

 

اشارتنا الى النازحين لأن السبهان اياه كان يلحظ توظيف ملف النازحين في اللعبة الداخلية، المعمعة الداخلية، بالرغم من أن غالبية النازحين ترفض الانزلاق الى الوحول أو الى الدماء. كل شيء كان قد أعدّ لتشكيل، وتمويل، وتسليح، آلاف الخلايا على كامل الأرض اللبنانية.

 

الى مايك بومبيو تناهت قهقهات الصواريخ. الموقف الرسمي اللبناني كان في منتهى العقلانية. ليست واشنطن من تلجم بنيامين نتنياهو، ولطالما حثه العرب (ذلك الطراز من العرب) على حرب كاسحة تنهي «حزب الله» في لبنان، دون أن تعي ما يعني ذلك للبنان، ولبقاء لبنان.

 

ذلك الصاروخ الذي أطلقته غزة على ما بعد تل أبيب، كما لو أن ترداد للصرخة اياها «ما بعد، ما بعد، مابعد، حيفا». رأس بنيامين نتنياهو غارق في بهلوانيات دونالد ترامب. الى أين تمضي تلك القافلة الاسبارطية في الاغتصاب وفي القتل؟

 

لا دولة في العالم تشبه هذه الدولة. الظاهرة الهتلرية تتجلى في الظاهرة الاسرائيلية. هيستيريا الاستيلاء على منطقة أخفق حتى الأنبياء في ترويضها أو في تدجينها.

 

في تلك اللحظات في البيت الأبيض، وبعد ساعات قليلة من صدور تقرير مولر، بدا أن دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو لا يكترثان بذلك الشيء الذي يدعى العرب. أي عرب؟!

 

أين مصر، أم الدنيا، التي كانت تهز الدنيا، من المأساة في غزة؟ حصار الطحين، وحصار الكهرباء، و حتى حصار الهواء…

 

وأين السعودية التي لو تصرفت بمنطق الدولة، لا بمنطق القبيلة، لكانت تقود المسار الجيوسياسي في المنطقة (لا تركيا ولا ايران)؟ المليارات، والسنوات، ذهبت هباء، حيناً في تصدير الوهابية الى أقاصي الدنيا، وحينا في تشغيل الحروب العبثية. الحروب القاتلة لها وللعرب.

 

مصر، بعراقة السبعة آلاف عام وبالمائة مليون نسمة، والسعودية بالثروات الأسطورية، في خدمة الثور الأميركي الذي لا مكان في رأسه، لا موطئ قدم في رأسه، الا لاسرائيل…

 

ثم نسأل، أما من قاع لهذا القاع ؟ الكل نددوا باللغة الببغائية اياها. لا أحد قال لهم ان اسرائيل ليست اسطورة، ولا هي الابنة البكر لله. انظروا، ان أبواب دمشق مشرعة أمامكم لتكونوا العرب لا الأعراب…

 

الصاروخ من غزة على مستوطنة مشموريت قال… ثمة قاع لهذا القاع!