IMLebanon

مبادرة نصر الله لملء الشغور الرئاسي.. «مناورة»

على الرغم من المبادرة «المناورة» لحل ازمة الشغور الرئاسي التي اطلقها الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله مؤخرا يبدو ان الافق ما زال مسدودا امام حلّ المعضلة المتواصلة منذ اكثر من عامين، وخصوصا ان ركائز هذه المبادرة تشكل خرقا فاضحا في كل محطاتها للبنود الدستورية التي تتمسك قوى 14 آذار وخصوصا تيار «المستقبل» باحترامها حتى لا يشكل تكريس خرقها بنودا جاهزة لمؤتمر تأسيسي تراهن قوى 8 آذار على حصوله لتغيير المعادلات الداخلية القائمة منذ اتفاق الطائف.

فالأزمة اللبنانية التي ادت، بعد الشغور الرئاسي، الى تمدّد الجمود الى سائر المؤسسات الدستورية وأولها الحكومة والبرلمان، رهينة بضع معادلات يبدو حلها مستعصيا قبل اتضاح الصورة التي سترسو عليها التوازنات الاقليمية وفق سياسي لبناني سيادي مخضرم.

ويلخص المصدر ابرز هذه المعادلات بثلاث: اولها «استحالة قيام دولة فعلية بوجود حزب الله على ما هو عليه حاليا كدويلة ضمن الدولة، واستحالة قيامها من دون حزب الله»، ثانيها «اذا ربح الحزب في سوريا يريد تكريس الربح في لبنان، واذا خسر هناك يريد ان يعوض هنا»، وثالثها «فيما يعتبر معظم اللبنانيين ان التسوية التاريخية تمت في الطائف يسعى الحزب الى تسوية جديدة تأخذ بالاعتبار التوازنات المستجدة» والتي ترتكز اساسا الى ما يسمى المؤتمر التأسيسي.

فخطاب نصر الله في الذكرى العاشرة للانتصار على عدوان اسرائيل صيف العام 2006 «اتى بنبرة ظاهرها الهدوء وباطنها هدم كل ما يتعلق بالدستور والقانون» عبر تقريره مجمل الخطوات المؤدية الى الرئاسات الثلاث من خارج المؤسسات الرسمية المعنية.

فقد تمسك بفرض «تعيين» رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون رئيسا للجمهورية بما لا يترك للبرلمان الا مهمة «التصديق» على التعيين. وكذلك بالنسبة لرئاسة مجلس النواب، فيما فتح الباب امام احتمال قبوله برئيس الحكومة الاسبق رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري رئيسا للحكومة بعد تكريس عون، مسقطا من الدستور البند الذي ينص على «استشارات نيابية ملزمة» يتم على اساسها تكليف شخصية هذا المنصب.

ويرى المصدر في هذا التلويح بفتح باب السرايا أمام الحريري، رغم ممانعة سابقة واضحة، مجرد «مناورة عبثية غير قابلة للصرف» هدفها الاول إيهام حليفه عون بأنه يقدم تنازلات تساعد في إيصاله الى المنصب المنشود منذ نحو عشرين عاما، خصوصا مع حاجته الملحة حاليا لحليف مسيحي يؤمن له غطاء يحميه في ظل التشنج المذهبي الشيعي- السني السائد في المنطقة. كذلك يندرج تحت بند القول لعون «نساعدك على الوصول بكل الطرق» تخلي نصر الله عن السلة التي سبق ان طالب بها في احد خطاباته وتشمل قانون الانتخاب وتوازنات الحكومة وبيانها الوزاري.

كما يسعى نصرالله الى النأي بنفسه عن تهمة التعطيل الملاصقة له بسبب امتناع نوابه كما نواب عون عن النزول الى البرلمان لتأمين النصاب الانتخابي. ويلفت المصدر الى انه يسعى كذلك لرمي الطابة في ملعب الحريري. فاذا لم يستجب يحمله مسؤولية الفراغ الرئاسي رغم ان الحريري واظب على الدوام على إعلان التزام كتلته النزول الى البرلمان لتأمين النصاب، وبأنه يخضع للمنطق الديموقراطي فيهنئ الفائز سواء انتخبه ام لم ينتخبه. اضافة الى ان للحريري، اذا رغب العودة الى الرئاسة الثالثة، ما يكفي من الاصوات النيابية التي تسميه ولن يكون في مطلق الاحوال عون هو «الممر الالزامي» لهذه العودة.

ويتساءل المصدر عن كل هذا الجهد لإقناع «غريمه السياسي» الحريري بانتخاب عون. أليس من الاسهل لنصر الله اقناع حليفيه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية: الاول بانتخاب عون والثاني بالانسحاب لمصلحته؟ ويضيف «ايران تفضل بقاء الرئاسة الاولى شاغرة قبل اتضاح صورة الاقليم لان هذا الشغور يسمح لنصر الله بالتصرف كأنه الرئيس الفعلي».