Site icon IMLebanon

رسائل نصرالله وصلت… و«يُـبني على الشيء مقتضاه»

 

 

على وقع ضجيج آلة القتل الاسرائيلية في غزة، من دون تمييز بين مدني وعسكري، رغم مرور ٣٩ يوما، من التدمير الممنهج و”الترانسفير” المبطن، اجتمع قادة العالم العربي والاسلامي في الرياض، مراهنين على ان تغير مقرراتهم الحاسمة العالية السقف واجراءاتها “العملية” من واقع الحال، بما قد يدفع “تل ابيب” ومن خلفها واشنطن، الى الارتداع وتسهيل طريق الحل السياسي على قاعدة الدولتين.

 

وفي انتظار الاجابة التي لن تتأخر، يعتبر اللبنانيون أنفسهم معنيين مباشرة بنتائج القمة، وبمآل كل الاتصالات الجارية في المنطقة للتوصل الى وقف اطلاق نار وتبادل اسرى، وبخاصةً أن الحرب على غزة انعكست حربا على طول الحدود الجنوبية، بين حزب الله وفصائل لبنانية وفلسطينية مسلحة من جهة، وجيش العدو الاسرائيلي من جهة ثانية، وهي حربٌ آخذة في التوسع في الميدان مهددة بانفجارٍ اكبر ما لم تلتزم “تل ابيب”، وخصوصا أن الدولة اللبنانية عاجزة عن فرض ارادتها على الخارج للضغط على المعنيين لتحييد لبنان، كما الأطراف الداخلية الأخرى بإعادة الملفات الداخلية إلى الطاولة.

 

فلا بكاء ولا نحيب الكنيسة بشقيها، الماروني والاورثوذكسي، الذي لن ولم يقدم او يؤخر، في انتخاب رئيس او تمديد لقائد، نجح في تصحيح المسار وإعادة تصويب البوصلة، حقنا للدماء وحفاظا على ما تبقى من مؤسسات وحقوق، في وطن يعيش على عقارب توقيت المنطقة والمحاور المصارعة على مسرحها بامتداداتهم الداخلية، حيث الكلمة الفصل لحارة حريك وسيدها، الذي يرسم في كل اطلالة له خطوط طول وعرض، فيما الجميع “واقف عا أجر وحدة وايدو عا قلبو”، رغم ان الكل مجمع على انه “دخيل الله يا سيد يلا”، “بس نخلص”.

 

وليس بعيدا عن ذلك، وبينما كان أعلن امين عام حزب الله في خطابه ما قبل الاخير انه دَخَل الحربَ في 8 تشرين الماضي، اي غداة عملية طوفان الاقصى، واصل في اطلالته الثانية بمناسبة “يوم الشهيد”، تهديد “اسرائيل” وايضا الولايات المتحدة.

 

واذا كان امين عام حزب الله وللمرة الثانية، لم يشف باطلالتيه غليل أصحاب الرؤوس الحامية، الا ان الرسائل المطلوبة وصلت الى وجهتها وإلى من يجب أن يقرؤها جيدا ويفكك رموزها ويحلها، لكي يبني على الشيء مقتضاه، بعيدا عن الأخطاء و”الفاولات” الاستراتيجية الميتة.

 

فماذا في تفاصيل خطاب السيد من جديد، وما هي رسائله وإلى من؟ في الواقع بات مؤكدا ان امين عام حزب الله، هو الناطق الرسمي باسم المحور الممانعة، والملف بإدارة المعركة الاعلامية والسياسية، بعدما أدى حزب الله قسطه للعلى في المجال العسكري، مع تحديد حارة حريك شروط وحدود التسويات والحلول للخروج من الأزمة.

 

ولعل كل ما ورد في الكلمة يمكن اختصاره في ثلاث رسائل موجهة إلى كل من:

 

–  العرب الشركاء في الحرب والحصار، والا لماذا ما زال معبر رفح مقفلا أمام المساعدات والدعم؟

 

– واشنطن المسؤول الأول والأخير و”مايسترو” اللعبة، لذلك مواجهتها في قواعدها في العراق وسوريا بالتأكيد ابعد من ذلك اذا استمرت في سياساتها، فتوقف الهجمات معروف الثمن.

 

– الداخل اللبناني، حيث لا خوف من اصوات النشاز الذي يسهل التعامل معها، والتي ما عاد يحسب لها حساب.

 

مصادر متابعة رأت ان لا أحد في هذا العالم يعرف ماذا يخطط ويريد حزب الله، لذلك من السذاجة الكاملة الاستخفاف بخطابات امينه العام، التي تحمل بين حروف كلمتها قبلة المرحلة المقبلة، من وجهة نظر حارة حريك اقله، القائمة على التهديدات الغامضة دوما، خصوصا ان معركة طوفان الأقصى، بينت انه من الممكن جدا لاي فصيل من جماعة المقاومة الممانعة التحرك احاديا وفقا لاجندته، دون الأخذ بالاعتبار واقع وظروف “الشركاء”، وهو ما قامت به حماس باعتراف الجميع بأنه “ما كنا عارفين”، وهو الأمر الذي يبدو أنه صعب من مسألة التطبيق العملي لنظرية وحدة الساحات، والانتقال من وحدة ساحة القتال والجبهات العسكرية إلى المفهوم الفلسفي والبعد الديني المسألة.

 

وتابعت المصادر بأن احد أبرز التحديات والمشاكل الحالية، التي تعمقت مع المواجهة الأخيرة، هو هدم القدرة على الاعتماد على أجهزة استخبارات العدو الاسرائيلي، التي باتت معلوماتها من حرب ٢٠٠٦ غير دقيقة كفاية، وكذلك قدرتها على التحليل والتنبؤ وتوجيه الضربات الاستباقية، وهي معضلة مصيرية تضع وجود “إسرائيل” ككيان على المحك.