Site icon IMLebanon

إشارة نصر الله إلى العقدتين مؤشر على ان الطبخة الحكومية لم تنضج بعد

إشارة نصر الله إلى العقدتين مؤشر على ان الطبخة الحكومية لم تنضج بعد

عقدة التيار الوطني الطامح للثلث المعطِّل وعقدة «حزب الله» بتمثيل التشاوري تعيقان عملية تشكيل الحكومة

 

«تثار المشكلة الأولى في وجه الرئيس المكلف تحت عناوين وحدة المعايير، وتارة عدالة التمثيل، والأحدث فيها إعادة توزيع الحقائب»

في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، أشار الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وبالرغم من كلامه المقتضب عن موضوع تشكيل الحكومة الجديدة، إلى انه ما تزال هناك مشكلتان تعترضان عملية التشكيل، فما هما؟

المشكلة الأولى القديمة الجديدة، تتمثل بإصرار رئيس التيار العوني الوزير جبران باسيل على الحصول على الثلث المعطل في التشكيلة المرتقبة بالرغم من معارضة أطراف وازنة داخل التركيبة الحكومية لهذه الرغبة التي ما تزال تعيق عملية التشكيل منذ انتهاء الانتخابات النيابية في نهاية شهر أيّار الماضي، والمشكلة الثانية التي اخترعها نصر الله شخصياً في نهاية مشاورات الشطر الأوّل والتي استغرقت أشهراً، ومطالبته بتوزير أحد النواب السُنَّة الستة الموالين للحزب وأعاد من خلالها عقارب التأليف إلى الوراء بالرغم من حاجة البلاد والناس لتأليف الحكومة الجديدة.

ويلاحظ بوضوح ان مسار تشكيل الحكومة الذي طال أكثر مما هو منتظر، ما يزال يدور في إطار هاتين المشكلتين دون تحقيق اختراق إيجابي ملموس، يساهم في تجاوز العقبات والمطالب المتجددة والوصول إلى تأليف الحكومة العتيدة.

فمن الصراع على توزيع الوزارات والحقائب بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» ومسلسل الحملات المتبادلة على كل المستويات، ووصولاً إلى تثبيت الحصص والحقائب بما حملته من إفتئات للاخيرة، اخرج الأمين العام لحزب الله مطلب توزير ممثّل عن النواب السُنَّة في اللحظات ما قبل الأخيرة، ليوقف عملية التأليف تحت ستار هذا المطلب المفروض فرضاً.

وهكذا دواليك، تارة تثار المشكلة الأولى في وجه الرئيس المكلف تحت عناوين وحدة المعايير، وعدالة التمثيل تارة أخرى، والاحدث فيها إعادة توزيع الحقائب من جديد وكأن كل المشاورات السابقة لم تعد ذي قيمة، فيما المشكلة الثانية تقف عائقاً أيضاً بعدما سقطت سابقاً صيغة توزير جواد عدره، ولم يطرح البديل المقبول من كل الأطراف، بينما يحاول الرئيس المكلف تقريب وجهات النظر وتضييق شقة الخلافات بكل صبر وأناة واعتماد سياسة النفس الطويل وابقاءً الآمال بنجاح التأليف قائمة بالرغم من كل العوائق والصعوبات التي تعترض عملية تشكيل الحكومة.

لم تعد خفايا المشكلة الأولى التي يتولى التشاور بشأنها الوزير باسيل ملتبسة على أحد، بل مكشوفة ومحددة بالثلث المعطل كما يسمى، أي الحصول على الحصة الأكبر في التركيبة الحكومية المرتقبة، ولأجل ذلك، لم يكن إطلاق تسمية الحكومة الجديدة، حكومة العهد الأولى، عبثاً، هكذا بلا أساس، باعتبار ان ما يحصل عليه «التيار» من حصته وحصة رئيس الجمهورية يُشكّل النسبة الأكبر، ومن خلالها يمكن الاستئثار بمقادير وقرارات ومقدرات الحكومة والدولة على حدٍ سواء، هكذا بلا مجاملة أو مواربة تحت عناوين وحجج ممجوجة لم تعد تنطلي على أحد، باعتبار أن هذا حق من حقوق «التيار الوطني» كما يدعي مروجو هذه النظرية، لأنه حصد الكتلة الأكبر بالانتخابات النيابية، بينما ينكر هذا الحق على الآخرين ولا سيما إذا كانوا من منافسيه السياسيين.

اما المشكلة الثانية، فيبدو انها تتلطى وراء المشكلة الأولى، ولا يبدو ان هناك استعجالاً لحلها، بل أصبح الانتظار طبيعياً ما دام يؤمن حاجات ومصالح من يقف وراءها وتحديداً «حزب الله»، بالرغم من تكلفة التأخير بالتأليف وتآكل مؤسسات الدولة وتراجع ثقة النّاس فيها وثقة المجتمع الدولي كذلك.

لم يكن ما كشف عنه الأمين العام لحزب الله بالنسبة للعقدتين اللتين تعيقان تشكيل الحكومة امراً جديداً، ولكن التركيز على وجود هاتين العقدتين في هذا الوقت بالذات، وفي ظل التجاذب الإقليمي والاضطراب السائد بالمنطقة، يعني في نظر المراقبين ان طبخة تأليف الحكومة لم تنضج بالكامل بالرغم مما قطعته من مراحل المشاورات والاتصالات الجارية على أكثر من صعيد، وما تسبب به التأخير من تداعيات سلبية على الوضعين الاقتصادي والمالي تحديداً، والمطلوب إذا كانت النوايا سليمة الانكباب على حل هاتين العقدتين بأسرع ما يمكن وهذا ما ينتظره اللبنانيون.