اليوم الجمعة ٣ تشرين الثاني نكتب هذه الكلمات بانتظار خطاب نصرالله بما هو آخر من يمتلك السلاح وقرار الحرب في جوار فلسطين، والناس والقيادات ووسائل الاعلام في لبنان والمنطقة والعالم تسأل ماذا سيقول نصرالله يوم الجمعة، هل سيعلن نصرالله الحرب خلال خطابه يوم الجمعة، وكثيرة هي الاقاويل والاحتمالات والتحليلات حول خطاب نصرالله يوم الجمعة وربما نكون امام لحظة غير مسبوقة في تاريخ لبنان، حيث يتوحد اللبنانيون حول متابعة خطاب نصرالله وهم يتهيبون تداعيات اهوال مجاز غزة اذا ما وقعت الحرب في لبنان، وخطاب نصرالله اليوم يواجه تحديات القدرة على مخاطبة خصومه وكارهيه قبل حشود انصاره ومحبيه.
الجميع بانتظار خطاب سياسي قادر على محاكاة هذه اللحظة السياسية الاستثنائية التي تعيد توثيق النكبة الاولى والنكسة الاولى في وعي الاجيال الصاعدة من شعوب المنطقة والعالم، مما يصعب مهمة نصرالله وفريقه في كتابة النص السياسي المنتظر، والاسابيع الماضية اظهرت مدى هشاشة النصوص السياسية المحلية والاقليمية والدولية والثقافية والطفيلية والتي جاءت دون مستوى أوجاع شعب فلسطين وشعوب المشرق الذين يتجرعون مرارات عجز البشرية جمعاء عن الالتزام بنصوص المواثيق والقرارات الدولية.
الهشاشة السياسية تجتاح لبنان في هذه اللحظة الوجودية والمصيرية حيث مظاهر الخفة واستسهال الخصومة والانقسام وتقويض اسباب الوحدة الوطنية والانخراط في متاهات الاوهام الدولية والاقليمية، ولبنان الرسمي والسياسي عاجز عن انتاج نص سياسي يحترم عقول الشعب اللبناني الذي يتابع تفاصيل الحرائق والمجازر الدامية في غزة وعلى الحدود الجنوبية، والنصوص السياسية الدولية ايضا تعاني من الانفصام في الشخصية نتيجة الهوة الكبيرة بين المواقف والمفاهيم وعدم القدرة على الالتزام بالقيم والمواثيق الدولية .
حدد نصرالله اتجاه خطابه منذ الحظة الاول بمخاطبة الداخل الاسرائيلي باستهداف الحكومة الاسرائيلية التي وصفها بالغبية الحمقاء ووزرائها المتطرفين الذي يستهدفون الاسرى والمقدسات والمستوطنات وحمل حكومة اسرائيل الغبية الحمقاء مسؤولية كل مظاهر الفشل العسكري والاقتصادي والسياسي، واكد نصرالله عن عدم معرفته المسبقة بعملية طوفان غزة واعتبر ذلك امرا طبيعيا من اجل سلامة العملية وهو دليل قاطع على عدم تدخل ايران بقرارات قيادات المقاومة، وخطاب نصرالله اكتفى بتحميل اميركا مسؤوليتها على دعمها إسرائيل في الحرب على غزة، اما بخصوص الحرب المنتظرة في لبنان فكان جوابه باننا دخلنا في الحرب منذ ٨ تشرين الاول وكان يخاطب مناصريه ولم يخاطب خصومه، ونستطيع ان نستخلص بوضوح ان الغاية من خطاب نصرالله هي ضرورة وقف الحرب على غزة وعدم هزيمة حماس، واعتقد بان انطباع المشاهدين اللبنانيين عبر الشاشات غير انطباع المحتشدين في الساحات .