IMLebanon

خطاب تطميني لنصر الله.. يستهدف الأميركيين: “حماس” هي قائدة المعركة في قطاع غزة

 

لعل اللبنانيين تنفسوا الصعداء بعد خطاب أمس للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله بعد مخاوف من تصعيد اللهجة وصولاً الى إعلان حربي ما، وإن كانت تلك المخاوف لم تستند إلى وقائع ملموسة.

 

لكن الكلمة المواكبة لأحداث المرحلة الحالية على صعيد الاشتباكات الدائرة اليوم على الجبهة اللبنانية جنوباً، حافظت على “الغموض الاستراتيجي” في حدث مزلزل ومفصلي في المنطقة اختار نصر الله في تعليقه عليه كلماته بدقة، محذراً من أن تصاعد هذا الصراع على الحدود مرتبط بالمخططات الاسرائيلية تجاه غزة وبالتعدي على المدنيين اللبنانيين داخليا، في استعادة لعض الأصابع مع الإسرائيلي قبيل تفاهم تموز 1993 الذي تبلور في شكل رسمي أكثر وعُرف بعدها بتفاهم نيسان 1996.

 

لم تخل الكلمة الخطاب من الدلالات وهنا كانت استعادة التاريخ بالغة التعبير: في التوجه مباشرة نحو القائد الأول للعدوان وهو “الولايات المتحدة الاميركية” التي هزمت في بداية الثمانينيات في لبنان، ويعني نصر الله بذلك دول حلف الأطلسي التي حضرت الى البلاد مناصرة لحكم الرئيس أمين الجميل فانسحبت تحت وطأة الضربات العسكرية للمحور ما أسقط بدوره اتفاق 17 أيار بين لبنان وإسرائيل.

 

في حديثه عن الأميركيين وجه نصر الله تهديدا بلغة التحذير بأن التاريخ سيعيد نفسه مكررا هزيمتهم هذه المرة في المنطقة برمتها حيث يحضر محور باكمله دخل المعركة فعلياً ضد الاميركي في سوريا والعراق، وأما “العدة” فحاضرة في لبنان لذلك.

 

الكلام الضاغط على الأميركي إستبقه نصر الله بالإعلان ان الاشتباكات على الحدود هي ترجمة لمعركة فعلية دخلها الحزب الأحد التالي ليوم 7 تشرين الاول.

 

أي أنها ليست مناوشات ولا حتى اشتباكات بل معركة فعلية في وجه العدو وهي سابقة من نوعها. وبذلك رسّم حدود هذه المعركة التي لن تخرج دراماتيكيا عن الأيام الماضية لتتوسع نحو حرب كبرى لا يريدها أحد.

 

على أن الخطوط الحمراء ما زالت هي هي ولم يعددها نصر الله جميعها ومنها أي ترانسفير جديد للفلسطينيين الذين هُجروا مرة ولن يفعلوها ثانية مهما كان الثمن. ومنها الاعتداء على القدس والمسجد الأقصى. ومنها ضرب المقاومة في غزة وهو ما يعد شبه مستحيل ما يجنب قادة المحور الدخول في حرب كبرى.

 

هنا كانت الإشارة لافتة الى أن عمل حركة “حماس” في 7 تشرين الاول لم يكن منسقا مع المحور ولم يعلم الحزب به. لكن ذلك لا يعني أن المحور بكامله ليس على تنسيق وشعار وحدة الساحات ليس واقعا، لكن كل طرف له حساباته وتوقيته في مبادراته وبذلك أراد الامين العام لـ”حزب الله” أن يلفت الى أن علاقة “حماس” مع الإيرانيين و”حزب الله” ليست علاقة تبعية بل أن الحركة هي قائدة المعركة في فلسطين إلا أن هزيمتها ممنوعة، هزيمة الحركة نفسها وليس فقط هزيمة القطاع أو الفلسطينيين اذ أن أية هزيمة تعني إضعافا للمحور بكامله.

 

إنطلاقا من مركزية “حماس” في المعركة أراد نصر الله التشديد على الطابع المساعد للجبهة الشمالية الذي خفف اعباء معركة غزة على “حماس”. هذا يعني بما يعنيه أن الحزب ليس بوارد، إذا ما بقيت المعركة برمتها على هذا المنوال، تكبير الحجر على الحدود الفلسطينية من دون إسقاط ذلك على الجبهات الأخرى ومنها اليمنية إضافة الى العرقية والسورية.

 

ثمة أمر ملاحظ أيضا يتمثل في مناشدة العرب قطع العلاقات مع الإسرائيليين. تأتي المناشدة مع عدم توجيه بوصلة الهجوم نحو الحكام العرب. وإذا كان الأمر ليس بجديد كون الهجومات على دول الخليج مثلا لم تسجل في الآونة الاخيرة، إلا أنه في وضع كالذي نعيشه يمكن اعتبارها بادرة من “حزب الله” تجاه العرب.

 

رغب نصر الله بالتأكيد على أن أي تصعيد رهن بأوقاته، وهو، اذ طمأن اللبنانيين هنا، لم يرد تطمين الإسرائيلي واحتفظ بالغموض الذي اعتمده منذ الساعات الاولى للحدث وكل الاحتمالات في الجبهة اللبنانية مفتوحة مثلما أن كل الخيارات هي مطروحة سواء تجاه إسرائيل أو تجاه الولايات المتحدة اذا ما تم تخطي الخطوط الحمراء.

 

الأهم هنا أن قواعد الاشتباك في لبنان أو “معادلة الردع” ما زالت قائمة ولعل قيام مُسيرتا الحزب بالهجوم في مزارع شبعا المحتلة لمؤشر واضح على عدم تخطي تلك القواعد والأمر سيان لدى العدو حتى في ظل إحدى أكثر الحكومات الاسرائيلية تطرفاً في تاريخ الكيان الاسرائيلي.

 

لذا فالكرة في ملعب هؤلاء المتطرفين ولا خيار أمام حكومة بينيامين نيتانياهو سوى ايقاف الحرب كما حددتها “حماس”.

 

الخلاصة أن الحرب طويلة، ولو تحققت هدنة في غزة كما حدث سابقا مرات عديدة مع “حماس” وغيرها من الفصائل مثل “الجهاد الإسلامي”، فإن المعركة هي بالنقاط و”حزب الله” مهيأ في أي وقت لكل الاحتمالات والفرضيات، ومجرد عدم تحقيق العدو أهدافه بالقضاء على “حماس” وإعادة “الرهائن”، سيشكل مقتلا له.

 

وبغض النظر عن أي أمر، فإن الانتصارات في معارك المحور مع العدو هي بالنقاط وليست بهزيمته آنياً في ظل الظروف الحالية.