خطاب نصر الله الأخير تأكيد على إستمرار ربط الأزمة اللبنانية بالقرار الإيراني
إنتخابات الرئاسة مؤجّلة والحكومة معطّلة والشلل على كل المستويات
محاولة نصر الله الإيحاء ضمناً بمسؤولية «المستقبل» رفض انتخاب عون رئيساً أو رفض تعيين صهره لقيادة الجيش لن تؤدي لحلحلة المشاكل ولا تعفي الحزب من مسؤولية الإزدواجية
في رأي مصدر نيابي بارز فإن مجمل ما تضمنه خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخير على الصعيد الداخلي، إنما يؤشر إلى ثلاث مسائل أساسية، الأولى استمرار تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية المتواصل منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان قبل ما يقارب أكثر من عام، والثانية التأكيد على إطالة أمد تعطيل الحكومة السلامية، والثالثة إبداء التضامن العاطفي التحالفي مع رئيس «التيار العوني» النائب ميشال عون من خلال الإشارة إلى ان نزوله إلى الشارع لن يبقى لوحده منفرداً.
بالنسبة لمسألة استمرار تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، وبالرغم من تحول موقف نصر الله من اعتبار ميشال عون مرشحاً وحيداً للرئاسة في السابق كما كرّر مراراً وبوجوب التعاطي معه كممر الزامي لانتخابات رئاسة الجمهورية هذه الممرة، إلاَّ ان هذا التحوّل مرحلي لإطالة أمد التعطيل المرتبط عملياً بالقرار الإيراني الذي ينتظر التفاوض مع دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية حول مجمل أزمات ومشاكل العديد من الدول العربية التي تتدخل فيها إيران مباشرة أو بواسطة ميليشياتها المسلحة كحزب الله وغيره، كما هي الحال في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وقد تحصل مستجدات وخلط أوراق لحين التوصّل إلى حل لهذه المشاكل والأزمات قد تعيق أو تؤخّر الحلول المطروحة.
أما المسألة الثانية المهمة التي أوردها نصر الله في خطابه وأراد من خلالها إيصال رسالة واضحة لكل الأطراف السياسيين، بمن فيهم الحلفاء والخصوم، هي أن إنهاء تعطيل عمل الحكومة السلامية مرهون بالتجاوب مع مطالب حليفه النائب ميشال عون وإذا لم تلبّ هذه المطالب أو بعضها كموضوع تعيين صهره الثاني العميد شامل روكز قائداً للجيش أو بالحد الأدنى تمديد بقائه في الخدمة العسكرية لوقت إضافي انطلاقاً من بعض اقتراحات الحلول المتداولة بهذا الخصوص، فإن «حزب الله» ملزم بالوقوف إلى جانب وزراء التيار العوني في عرقلة وتعطيل عمل الحكومة كما حصل في الأسابيع القليلة الماضية، ولأنه ليس وارداً في الوقت الحاضر التغاضي عن هذا الأمر أو تجاوز مطالب عون وكأنها لا تعني الحزب أو تهمّه، بل إن ذلك يتطلب التضامن مع هذه المطالب والوقوف إلى جانب تصرفات ومواقف وزيري التيار الوطني في مجلس الوزراء.
ويضيف المصدر النيابي ان نصر الله أراد بموقفه هذا من إعلان دعم مطالب عون هذه وخصوصاً مسألة تعيين صهره في قيادة الجيش التغطية على موقف الحزب الموافق ضمناً على تمرير قرار وزير الدفاع الوطني بتأجيل تسريح قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي خلافاً لرغبة رئيس «التيار العوني» ميشال عون، ومحاولة امتصاص النقمة العونية العلنية والمستترة من تصرف الحزب هذا، لأنه في قناعة غالبية الجمهور العوني انه لولا موافقة «حزب الله» لما تمّ التمديد لقائد الجيش الحالي وكل ما يقال خلاف ذلك غير صحيح على الإطلاق، ولأنه لم يصدر أي موقف يخالف أو يرفض هذا القرار من أي مسؤول في الحزب منذ صدوره وحتى الساعة، وهذا يدل على ازدواجية مكشوفة لدى الحزب في التعاطي مع المطالب العونية المطروحة بخصوص موضوع التمديد لقائد الجيش الحالي.
أما المسألة الثالثة التي أوردها نصر الله في خطابه فهي الإشارة إلى ان نزول عون إلى الشارع لن يبقى وحيداً، وإن كانت في نظر البعض تحولاً في موقف الحزب السابق الرافض لهذا الأمر، إلاَّ ان هذا التحوّل العلني هو أيضاً لتأكيد استمرار التحالف مع «التيار العوني» في هذه الظروف وابداء الدعم والتعاطف معه، ولو سياسياً واعلامياً، إلاَّ ان ترجمة هذا الموقف عملياً والنزول إلى الشارع بالفعل، ليست مهمة سهلة على الإطلاق، بل تعني أيضاً المجازفة بهز الاستقرار الأمني الداخلي وإدخال البلد في مرحلة من الانفلات لا يمكن لأي طرف التكهن بما ينتج عنها وإلى أين ستؤدي في النهاية، لأن نزول أي طرف كان سيدفع بجر باقي الأطراف للنزول إلى الشارع وهو ما كان يحصل في التوترات والأحداث خلال السنوات السابقة وأدى إلى تداعيات وانعكاسات خطيرة الزمت كل الأطراف بالابتعاد عنها وتجنب الدخول في متاهاتها من جديد لأنها ليست في مصلحة البلد عموماً ولا لمصلحة أي طرف دون الآخر، وخصوصاً مع إستمرار الحروب والنزاعات في المنطقة وخصوصاً في سوريا، لا سيما وأن انفلات الشارع أدى في مرحلة من المراحل السابقة إلى خلق مناخ مؤاتٍ للكثير من الخلايا والتنظيمات الإرهابية المتشددة للنفاذ منه واستغلاله وتنفيذ العديد من جرائم التفجير الإرهابية التي استهدفت أمن واستقرار اللبنانيين وطالت بمعظمها مناطق نفوذ «حزب الله»، الأمر الذي استوجب جهوداً ومعالجات استثنائية وإرادة جامعة من معظم الأطراف السياسيين لمكافحة هذه الجرائم ومنع تمكين هذه التنظيمات من إيجاد أي بيئة حاضنة أو مؤيدة لها في الداخل اللبناني.
ويعتبر المصدر ان محاولة نصر الله الايحاء ضمناً بمسؤولية فريق لبناني لم يسمّه ويعني تيّار «المستقبل» عن رفض الاستجابة لمطالب عون إن كان برفض انتخابه رئيساً أو رفض تعيين صهره لقيادة الجيش، لن تؤدي إلى حلحلة المشاكل السياسية القائمة ولا تعفي الحزب من مسؤولية الازدواجية في التعاطي مع المسائل والقرارات المهمة كما حصل في تأييده للتمديد لقائد الجيش، بل تهدف إلى زيادة تأجيج الوضع السياسي وتعميق الهوة بين الأطراف السياسيين وزيادة الشلل الحاصل في البلد على كافة المستويات خدمة لاستمرار تفلت سلاح «حزب الله» من كل الضوابط الشرعية والإمعان في استعمال هذا السلاح المليشيوي في الحرب الدائرة بسوريا وغيرها خلافاً لرغبة وإرادة معظم اللبنانيين ومصلحة لبنان ككل، وذلك في انتظار مشاريع الصفقات الإيرانية التي تزمع إيران عقدها مع الدول المعنية بأزمات المنطقة وهذا يعني ان على لبنان الانتظار لفترة زمنية إضافية ريثما تنضج آفاق هذه الصفقات ونتائجها.