جاءت اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى »القادة الشهداء« بمثابة تجاهل مطلق للحال العامة في لبنان فيما ركز على اهتمامات الحزب سوريا وفلسطينيا وايرانيا، كما كان ملف الرئاسة الاولى في لبنان في اخر اهتماماته، حتى في المجال الذي غمز فيه من قناة الوضع العام في السعودية والبحرين واليمن حيث تخوض ايران حربا مكشوفة هناك، من غير ان تعني له الحرب في سوريا مشكلة لبنانية – عربية، ربما لانه توقع نجاح الرئيس بشار الاسد في حربه المكشوفة بدعم مباشر من حزب الله ومن ايران وروسيا (…)
الذين من وجهة نظر الحزب لم يفاجئهم كلام نصر الله على استعداد حزب الله لان يقاتل اسرائيل عندما تدعو الحاجة، مذكرا بقدرات نووية ستتصدى للعدو في حال فكر في الاعتداء على المقاومة وهو قصد بذلك الاستعداد الصاروخي الذي يوازي قدرة نووية في حال كانت وجهته محددة في مكان اسرائيلي محدد.
وهذا الكلام لم يفاجئ من تتبع كلام السيد الذي خاض في حروب المنطقة وظروفها متجاهلا ما يحتاج اليه لبنان من قريب او من بعيد، خصوصا ان المراقبين كانوا يتوقعون منه ردا على كلام رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري في ذكرى 14 شباط حيث قال كل ما لديه من مواقف ومعطيات ودلالات ذات علاقة بالوضع العام في لبنان وفي المنطقة في آن؟!
والذين فاجأهم ابتعاد نصر الله عن هموم الداخل، اجمعوا على انه اخطأ في عدم كلامه على الحال العامة في لبنان، باستثناء القول انه لا يملك موقفا مؤثرا، مع العلم ان الاوراق التي بين يديه تحتم عليه قول وجهة نظره بالنسبة الى الرئاسة الاولى وما اذا كان سيشارك في الانتخابات الرئاسية في الثاني من اذار المقبل، ما فاجأ خصومه عموما وجماعة التيار الوطني خصوصا، لاسيما انه مؤيد لرئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، الا في حال تراجع عن مواقفه التي سبق له الاعلان عنها مرارا وتكرارا اضف الى ذلك ان من المعروف عنه انه لا يبدل في وجهة نظره مهما اختلفت الظروف؟!
ان تركيز السيد على الحرب في سوريا، يدل ربما على انه مرتاح نسبيا الى مجريات امورنا الداخلية، من غير ان يكون على حق في وجهة نظره فضلا عن ان الوضع الروسي في سوريا لا يبشر بأن الروس سيستمرون في نهجهم التصعيدي في حال دخل طرف ثالث في الحرب، وهذا وارد بفعل ما يجري من استعدادات عربية واسلامية »لاعادة التوازن الى المجريات العسكرية في سوريا« الامر الذي يوحي صراحة ان الحرب السورية طويلة ومرشحة لان تتطور الى حرب عالمية غير مستبعدة من دون التوقف عند الاعتبارات المحلية والاقليمية، طالما ان من دخل الحرب مثل الروس والايرانيين وحزب الله غير قادرين على منع سواهم من دخولها!
وما يقال في هذا الصدد يكاد يوحي وكأن المنطقة مقبلة على تطورات يستحيل التحكم بها من زاوية المؤثرات الروسية – الايرانية وحدها، حيث لم يعد احد يعمل حسابا لقوى النظام السوري التي وان سجلت تقدما في مناطق معينة، غير انها ليست قادرة على التحكم بمجريات الحرب بصورة حاسمة بحسب اجماع المراقبين ومتتبعي التطورات العسكرية في طول سوريا وعرضها ولا يشكل كلام نصر الله سوى وجهة نظر تحتاج الى اثبات!
المهم لبنانيا هو انجاح السعي الى اعادة ترتيب البيت الداخلي وفي مقدم ما هو ملح اجراء الانتخابات الرئاسية في اقرب وقت، فضلا عن ان عدم كلام نصر الله على الاستحقاق الداخلي لا يدل صراحة على انه مرتاح الى وضعه، باستثناء القول انه متكل على ترسانة حربية فضفاضة تسمح له بأن يكرر عرض عضلاته في المناسبات العامة التي يختارها لاثارة هواجس من هو غير مرتاح الى السلاح غير الشرعي المرشح دائما للاستخدام حيث يرى حزب الله مصلحة له في ذلك!
اما الكلام الايراني الاخر فلا يعدو كونه تسويقا سياسيا لما ترغب ايران في الكلام عليه، لاسيما بعد خروجها من نفق ازمة استعداداتها النووية التي لم تعرف الى الان كيف تلملم نتائجها حتى اضطرتها الظروف لان تفتح ابوابها امام العالم بأسره، حيث انحدقت مكافآت الترضية على من هو على استعداد لان يبادلها تجارة بتجارة خصوصا من جانب دول اوروبا الغربية اضف الى ذلك ما تدفعه جراء تعاملها السياسي مع روسيا حيث اتفقت اخيرا مع موسكو على صفقة طائرات سوخوي مع العلم انها تعرف عدم قدرتها على استخدامها في خلافها مع جيرانها (…)