فيما اعطى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله صورة ايجابية، قريبة من ان تكون ملموسة، لحوار المستقبل والحزب، وقوله انه «جدي ويمهد لحوار وطني وليس بديلا منه»، كان كلام في المقابل على ان «الاستحقاق الرئاسي لبناني ولا يمكن للخارج ان يفعل لنا شيئا»، مع العلم في هذا الصدد ان حليفه العماد المتقاعد ميشال عون هو من يؤخر انتخاب الرئيس لاتكاله على التحكم بالنصاب بينه وبين الحزب من جهة، وبين التيار الوطني وتكتل التغيير والاصلاح من جهة ثانية، كما شدد نصر الله على اهمية عدم التعويل على تفاهمات اقليمية او دولية لانجازه!
من حيث المبدأ كان بوسع «السيد» اختيار تعابير اكثر دقة مما قاله عن الانتخابات الرئاسية، مع انه قالها في مناسبات اخرى حيث لفت تكرارا الى ان الحزب لن يتخلى عن دعمه للجنرال طالما بقي الاخير مصرا على خوض الانتخابات، فضلا عن ان اصرار عون غير مقنع، حيث من واجبه النزول الى مجلس النواب لمعرفة من معه ومن ضده (…)
ما يؤكد عدم وجود سلبية في تصرف الحزب الذي يعرف ان غيابه عن جلسات انتخاب الرئيس هو الذي يمنع الوصول الى حد تحديد من هو الرئيس العتيد!
وفي عودة الى نقطة الحوار فقد رأى نصر الله انه حقق ايجابية ملموسة في حال لم يرفع احد سقف مطالبه كي لا ينتهي الامر عند طرح التباينات كي نتفق على شيء من غير ان نصل الى الخصام والتقاتل والتوتر ومن غير ان ينسى القول ان البعض متضرر من التقارب السني الشيعي، كونه يترك مناخا طيبا على الصعيد المذهبي، مع العلم في المقابل ان احدا لا يريد حربا اسلامية – مسيحية، «وهيهات ان يصل الحوار في المجال المسيحي الى خواتيم مشجعة تجنب لبنان مطلق خضة سياسية، بما في ذلك منع سقوط البلد وانهياره».
ولجهة قول نصر الله ان «حوار المستقبل – حزب الله لا ينوب عن بقية القوى السياسية في لبنان»، كما انه ليس البديل من الحوار الوطني بل انه طريق يوصل اليه، وهي عبارة مدروسة بدقة متناهية وكي لا يقال مثلا ان المسيحيين بحاجة الى الحوار مثلهم مثل المسلمين، كي لا تقتصر الافادة على بعض من ليس له مصلحة في ذلك، وهذا ما يصح قوله عن جميع الافرقاء وليس عن فريق واحد لا يعرف الى الان انه مطالب بترجمة انفتاحه على خصومه قبل انفتاح هؤلاء عليه لانه لم يقدم شيئا الى الان بقدر ما قدم تمنيات ومشاريع تفاهم من الصعب ترجمتها.
صحيح ان الوضع الامني في البلد جيد نسبيا على هشاشة نسبية، بالاتكال على الجيش والقوى الامنية، لكن هيهات ان تتاح للجيش والقوى الامنية ما يفهم منه ان سلاح المقاومة المنتشر في طول لبنان وعرضه ليس موجها ضد الدولة بما في ذلك ضد اي طرف داخلي، وعندها فقط يكون بوسع الجميع التفاهم على ما ليس منه بد، ان لجهة الامن الوطني او الامن العام الذي يجب ان يناط بالدولة وحدها لتكون مسؤولة عنه بمعزل عن اي اعتبار سياسي (…)
ان حادثة طرابلس مثلا لم تكن لتكون متوقعة لولا انتشار السلاح غير الشرعي حيث لا بد من القول عما حصل انه يشكل بدعة امنية – سياسية يستحيل على احد فهم ابعادها، الا في مجال اعتبارها انتقاما مخططا له منذ ما قبل وقف الحرب في عاصمة الشمال، طالما ان الجميع لم يتخلوا عن اسلحتهم وعن نياتهم العدائية، بعد كل ما تردد عن ان الدولة قد امسكت بزمام الامور، وهذا مرشح الحصول في غير مكان بعدما عمت رائحة الدم عن كل ما عداها؟!
وما يقال عن عملية التفجير في طرابلس قد يقال مثله بعد حين في عرسال واي مكان اخر في منطقة بعلبك – الهرمل والا لن يكون معنى لاي تفاهم شكلي على ضبط الخلافات بين كل من بوسعه تجييش هذا الانتحاري او ذلك، لاسيما ان الامور مترابطة بين بعضها البعض في مختلف الامور والمناطق على السواء؟!
هذه الصورة لا بد انها متوفرة في غير مكان، وستبقى كذلك ما بقي السلاح داشرا وبعيدا من المراقبة ومن اعين الدولة حيث لكل مشروعه السياسي والمذهبي، من غير حاجة الى تسمية او انتظار عملية من النوع الذي حصل في بعل محسن؟؟