IMLebanon

صخرة الجنرال و”درب تسدّ… ما تردّ”

 

ختم وزير الخارجية المُستقيل الدكتور ناصيف حتّي بيان إستقالته بقوله: “شاركت في هذه الحكومة من مُنطلق العمل عند ربّ عمل واحد إسمه لبنان، فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح مُتناقضة”.

 

وبذلك، أصاب حتّي نصف الحقيقة. ليته كشف كلّ الحقيقة بشأن أسباب الإستقالة، ليته لم يزح بسهمه عن ربّ “العمل الفعلي” الذي أطاح علاقات لبنان العربية والدولية، لينسج أمبراطوريته بأريحية من لا يجد مُنافساً أو مُناهضاً لمشروعه يحسب حسابه، وبعدما لمس أن لا تساهل ولا تراخي في هذه المسألة.

 

وفي حين لم يُخطئ عندما اعتبر أنّه وجد “أرباب عمل ومصالح مُتناقضة”، كان الأجدر به أن يذكُرهم، فلا تقتصر شكواه على “مكتومي قيد”، لا إسم لهم ولا صوت ولا صورة، كما بيّنت التصريحات التوضيحية التي أعقبت بيان الإستقالة.

 

ليته استفاض، فأشار الى أنّ أصحاب المصالح المُتناقضة لا يتساهلون حيالها ولا يتراخون، لأنّهم مؤمنون بحقّهم الشرعي في تحصيل المكاسب، من خلال النفوذ المُتاح لهم، بعد تسديدهم ثمن هذه المصالح مُسبقاً الى ربّ العمل الحقيقي…

 

بالتالي، هم لن يستسلموا إن هو استقال، سيقفون كالصخرة في وجه من يحاول أن يستخفّ بنفوذهم، ويحدّ من جوعهم العتيق الى السلطة وغنائمها. ويتفوّقون في ذلك على جنرال غبريال غارسيا مركيز، الذي تُعرِّفه “ويكيبيديا” بأنّه “طاغية خيالي عجوز” يستند الى “مستشارين كانوا سبباً رئيساً لإنتشار الفساد ومُمارسة القمع”.

 

قطعاً لن يستسلموا، وقائدهم لا يعترف أصلاً بالخريف وتداعياته. ولا يهمّهم أن يقفوا عند خاطر أحد غير رأس المِحور وأتباعه، فأمانهم محفوظ ما داموا يحصدون الرضى لتنفيذهم بنود الأجندة.

 

هم يتلطّون خلف صخرة المُعطيات الإقليمية الحالية، التي تردّ عنهم وعن كل من لفّ لفّهم الألغام. التاريخ يبدأ من هذه الصخرة تحديداً، ومن الذي لا نستحقّه، لأنّنا لم نستوعب حتى تاريخه، أنّه أهمّ من هنيبعل وهرقل وتوت عنخ آمون والإسكندر المقدوني وكِسرى أنوشروان… عفواً، لنُخْرِجْ كِسرى من السياق، فالعين لا تعلو عن الحاجب. والأفضل أن ننتقل الى نابليون بونابرت وسلطان باشا الأطرش ويوسف بك كرم و”طانيوس” أمين معلوف بعد مُصادرته صخرته.. وإلخ..إلخ.. إلخ..

 

وخَسِئَ جميع المتآمرين، بعدما باءت جهودهم بالفشل والخيبة. فليستقِلْ كل من يحسب أنّه عصيٌّ على الإنصياع. ومن لا يتّعظ، سنُحاكمه بتهمة الخيانة العظمى، فهو مدفوع من مخابرات أجنبية، لا سيّما بعدما تبيّن أنّ خيانته لا تقتصر على إحراج المُنتصر على الألغام، والحافر في الصخر، والرافض الإستسلام في وجه الرياح العاتية، ولكن لأنّ المؤامرة أكبر من ذلك بكثير، وتشمل أهدافها النيل من بطولات “ساكن السراي”، بمواجهة العنجهية الأميركية وعنفوانه في ردّ الصاع صاعين للمندوب الفرنسي الجاهل والوقح، ومِنْ خلفه ما يُسمّى بـ”المجتمع الدولي”.

 

بصريح العبارة، ممنوع الإستثمار في استقالة حتي، الذي راعى في بيانه مُجاملة من أرغمه عليها. وممنوع السعي الى أي محاولة إصلاحية غير إنشائية، فكلّ خروج عن خطّ المِحور يُهدّد صخرة المشروع من أساسه، وليس فقط صخرة الجنرال. لذا، لا مجال للتنازل وإفساح المجال أمام من يستطيع مساعدة لبنان وإعادة التوازن الى حياته السياسية، و”درب تسِّد وما تردّ”.