(الموت السريري) مصطلح يستخدم لوصف حالة يقترب فيها الجسم البشري من الموت الكامل مع بعض الامل في البقاء على قيد الحياة، والموت السريري هو غياب النبض وتوقف التنفس وانخفاض في نشاط الدماغ، والموت السريري هو زمن العناية الفائقة الفاصل بين الحياة والموت مع احتمال النجاة اذا توفرت الضرورات العلاجية، والموت السريري الوطني هو تعريف حالة الدولة عندما تصل الى مرحلة حرجة من التدهور في جميع جوانب الحياة السياسية الاقتصادية والاجتماعية حيث تكون الموشرات الاقتصادية والسياسية متدهورة بشكل حاد مع بقاء بصيص امل في التعافي من خلال الشروع في الاصلاحات والسياسات المناسبة.
الموت السريري الاقتصادي في لبنان هو انهيار العملة الوطنية وحدوث تضخم كبير وارتفاع معدلات البطالة والهجرة، وتدهور القطاعات الانتاجية، وتراكم الدين العام وعدم القدرة على السداد، وانهيار المؤسسات المالية والمصرفية وضياع الودائع والمدخرات وتدني المؤشرات المالية والاقتصادية في البيانات والتقارير الدولية وهروب الرساميل و الاستثمارات الخارجية .
الموت السريري السياسي في لبنان هو عدم قدرة الحكومة على اداء وظائفها الأساسية وفي مقدمتها الخدمات العامة، وانتشار الفساد على جميع مستويات الحكم، وفقدان الثقة بين المواطنين والحكومة، وانتشار الفوضى وعدم القدرة على فرض القانون، وتلاشي احزاب وتيارات الشراكة الوطنية السياسية، وتعاظم التعطيل والخصومات الداخلية، وخروج التشكيلات الطائفية المسلحة والغير مسلحة على اسباب الدولة والانتظام العالم، وتفشي مظاهر التحلل السياسي والمجتمعي .
الموت السريري المجتمعي اللبناني يتجسد في انهيار تماسك الوحدة الوطنية وانعدام المفاهيم والقيم الاجتماعية والاخلاقية الجامعة، وتفتت الروابط الاجتماعية وانعدام الثقة بين الافراد والمؤسسات، وتعاظم معوقات الخصوصيات الطائفية وحماية الفساد، وانهيار النظام التعليمي والصحي وارتفاع معدلات البطالة والهجرة وفقدان الثقة بالمستقبل، مما يؤدي الى المزيد من الانعزال والانفصال وتحلل الدولة والمجتمع في لبنان .
الخيانة في لبنان هي ثقافة وطنية عميقة وعابرة لكل الطوائف والمناطق والأحزاب والعائلات والأفراد، والخيانة في لبنان ذات طبيعة تنافسية علنية ولها جذورها وروادها وطموحاتها وبطولاتها التاريخية، والخيانة اللبنانية لها اعرافها وطقوسها ومساراتها وعملها باخلاص لصالح الدول الخارجية ضد مصالح الدولة اللبنانية والانتظام السياسي الوطني واستخدام وسائل غير مشروعة من اجل مصالح شخصية وعائلية وطائفية سلطوية ومالية، والخيانة في لبنان هي من ادق مؤشرات الموت السريري الوطني والاخلاقي .
انقاذ لبنان من الموت السريري الوطني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي يستدعي اجراءات علاجية سريعة ومتنوعة ومكثفة، وفي مقدمتها البحث عن نخب وطنية حقيقية فوق سلطوية قادرة على بلورة استراتيجية نهوض وطني على اساس القضاء النهائي على وباء الطائفية السياسية، واحداث موجات مجتمعية مدنية وشبابية وقطاعية خلاقة وتحديثية، وتعزيز كافة المجالات التعليمية وتجديد الثروة البشرية والانتاجية، والعمل على استعادة الثقة وبناء دولة المستقبل الوطنية الحديثة، وتجديد قيم التسامح والانتماء الوطني وتحصين العملية الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير وتعزيز المساءلة والشفافية الرقابية، واستعادة الاستقرار السياسي وثقافة الحوار الوطني ومخاطبة الاجيال الصاعدة عبر المهارات الرقمية والذكاء الصناعي، وانقاذ لبنان الدولة من الموت السريري الوطني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والاخلاقي .