IMLebanon

متلازمة الإحتراق الوطني

 

متى تنفجر الأزمة الوطنيّة الكبرى الصامتة؟ أزمة التعطيل هذه أكبر من أن يتحمّلها لبنان، فإلى أين سيؤدي هذا التجاذب والتصلّب السياسي الذي يواجه به فريق وزير الخارجيّة جبران باسيل باقي الفرقاء اللبنانيين بلبنان إلا إلى الخراب؟!

 

يعيش اللبنانيّون تحت وطأة Burnout syndrome أو «متلازمة الاحتراق النفسي» بل تخطّوها إلى «متلازمة احتراق وطني» الفشل سيّد الموقف، وإذا كان مصطلح متلازمة الاحتراق النفسي تم صياغته من قبل عالم النفس الأميركي هربرت فريودنبرغ في السبعينات، لوصف عواقب الإجهاد النفسي الشديد، فبماذا نسمّي حال «الإجهاد الوطني» الشديد التي تعصف بلبنان؟!

نحن نعيش أزمة احتراق ومحارق! هناك أزمة أخلاقية سياسية وإنسانية كبرى في هذا البلد، هذا المشهد السياسي» بات مرهقاً للشعب ويضع اللبنانيين تحت الإجهاد والضغط الشديد، الشعب يشعر أنّهم يستنفدون طاقته على المقاومة والاستمرار، ما هذا الحظّ السيىء في أن مواطناً لبنانيّاً، أظنّ أنّه على المختصّين النفسيّين أن يزيدوا عامل العوامل السياسيّة في طليعة أسباب «متلازمة الاحتراق النفسي» وأن يجعلوا لبنان نموذجاً لهذه المتلازمة اللعينة.

إلى أين يريدون أن يأخذوننا بعد؟ تتعقّد مع إيران في اليمن فتردّ في لبنان، تتعقّد مع إيران في العراق فتردّ في لبنان، تتعقّد بين أميركا وإيران فتردّ في لبنان، ومن طرائف الأمس التساؤل ما إذا كان حزب الله سيطالب بتغيير الطائف؟ «يا عيني» هذا الطائف كلّفنا خمسة عشر عاماً من الحرب وخمسة عشر عاماً من الوصاية السورية، كم ثلاثين عاماً «في العمر» حتى نظلّ ضائعين في متاهات أفخاخ السياسة اللبنانيّة، يستطيع حزب الله أن يطالب بتعديل الطائف عندما يسلّم سلاحه للدولة ويحل ميليشياته الإقليميّة، وما سوى ذلك «هرطقة»!

تنطبق على الشعب اللبناني كلّ  الأعراض الناتجة عن متلازمة الاحتراق النفسي وهي التوتر الدائم، القلق، الغضب السريع، الكآبة، الإحباط، الإنعزال، الوحدة والتفكير الانتحاري، هذا عدا عن المشاكل العضوية التي تظهر نتيجة العوامل النفسية كإرتفاع ضغط الدم، الشعور بالصداع، الشعور بالتشنجات العضلية وإرتفاع معدل السكر في الدم، هل هناك لبناني واحد لا يعاني من هذه كلّها مجتمعة؟!

هذا الاستخفاف بالشعب اللبناني وحقوقه ويومه وغده ومستقبله ومستقبل أولاده والاستغراق في التعامل معه كأنّه غير موجود، وأنّه لا قيمة له في معادلات السياسة، هذه السياسة ومناصبها ورئاساتها وجدت لخدمة الشعب اللبناني، يا أعزائي أنتم «موظّفون» عند هذا الشعب، ولا تملكون ترف المتاجرة به وتعطيل مسار حياته، أنتم «موظّفون» عنده لخدمته ومؤتمنون على خدمته بضمير «يا بلا ضمير»، فكفى تفخيماً وتعظيماً بهذا وذاك على حساب هذا الشعب المبتلى بكم!

حال «الاحتراق الوطني» يجب أن يوضع لها حدّ، أحياناً يكون الإنقاذ الوطني ليس بمنع الغرق، بل بتركه يغرق، المكاشفة أقصر الطرق لمعرفة الحقيقة، أظنّ أنّه بات لزاماً على رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري أن يخرج على اللبنانيّين وأن يكاشفهم بكلّ العراقيل التي توضع في طريقه، ومحاولة سلبه صلاحياته، وصلاحيات الرئاسة الثالثة، عمليّاً لا تستطيع أن تنقذ أحداً بالإكراه، دعوا الفريق المعطّل يغرق عن بكرة أبيه، قد يكون هذا هو الحلّ الوحيد لإنقاذ لبنان وشعبه من جحيم هذا الاحتراق الوطني!