بقيت الامانة العامة امينة على الثوابت التي اجتمع حولها جمهور 14 اذار عام 2005 يوم انتفاضة الاستقلال الشهيرة أثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتوحدت الاعلام الحزبية تحت علم موحد هو العلم اللبناني في سبيل هدف واحد هو اخراج الجيش السوري وتحقيق السيادة والاستقلال على حدّ قول مصادر في 14 آذار، ومع مرور السنوات بدأت مفاعيل الثورة يخفت وهجها كون كل حزب حمل مشعله وانطلق به منفردا وفقا لمصالحه وبدأت الصفقات تعقد منفردة على حساب جمهور 14 اذار الذي عقد أمالاً كبيرة على قادة الثورة فمنهم من خرج ومارس الوسطية، ومنهم من انتقل الى الضفة الاخرى وعقد التفاهم مع فريق 8 آذار لان رؤيته الاستراتيجية اختلفت عن رؤية الفريق الاستقلالي.
وتضيف المصادر ومع ازدياد التهديدات الامنية اضطر الرئيس سعد الحريري الى مغادرة بيروت خوفاً على المصير الامر الذي انعكس سلباً على هذا الفريق، فبدأت تظهر مكامن الضعف لديه في كل احتفال يقيمه لاستذكار انتفاضة الاستقلال حيث لم تكن تمر هذه الذكرى دون خلافات حول التنظيم والرؤية الاستراتيجية والاهداف، الى ان اصبح ينطبق عليهم المثل القائل «انفخت الدف وتفرقوا العشاق» وبدأت احزاب هذا الفريق تحاور فريق 8 آذار بالمفرق على الرغم من اننا لسنا ضد الحوار، لكن هذه الحوارت كانت تهدف فقط الى تحقيق مكاسب الفريق الشخصية على حساب الشعب الذي سار وراءهم وعلى حساب دماء الشهداء الاحياء منهم والاموات الذين بذلوا دماءهم في سبيل هذه الثورة.
وتضيف هذه المصادر ان المجلس الوطني لمستقلي 14 آذار لا يسعى الى ان يكون حزباً وان الاسباب الموجبة لانشائه تتجاوز الازمة اللبنانية، لان الازمة الاساسية هي ازمة طبيعية اخلاقية سياسية وطنية تكوينية لنظام عربي جديد في هذه اللحظة، وبالتالي على لبنان و14 آذار ان يقدما صورة فيها المسيحيون والمسلمون السنة والشيعة والدروز والعلويون وقادة الفكر والرأي، متجاوزون الترسيمات الطائفية في لحظة يتم فيها الذبح على الهوية.
من هنا ترى المصادر ضرورة تفعيل المجلس عبر ابراز التجربة اللبنانية المرتكزة على العيش المشترك كنموذج قد يكون موقع استلهام لكل المجتمعات في المنطقة وبالطبع ليس ادعاء ان لبنان يريد ان يعطي الاخرين دروساً في كيفية التعايش مع بعضهم انما كوننا اول من اختبر السيارات المفخخة والقتل على الهوية والتقسيم وعاد وتوحد في 14 آذار 2005، وهو سيكون هيئة عامة متحررة من القيد الطائفي وليس على طريقة «لقاء قرنة شهوان».
وتؤكد المصادر ان المجلس ليس خصماً سياسياً لاحزاب 14 آذار التي تضم في كنفها حوالى الـ100 الف منتسب ويبقى حوالى المليون مدني يحتاجون الى من يتكلم باسمهم بعيداً عن التسويات السياسية التي تفرض على بعض الاحزاب السياسية القيام بها ضمن اللعبة السياسية وتوزيع الادوار وهذا الامر ربما لا ترتضيه هذه الطبقة من المجتمع ولا يمكن اختزال صوتها بهذه الاحزاب.
وفي النهاية تهامس بعض الإعلاميين ودارت النقاشات حول المصير المتهالك لقادة الرأي في «ثورة الأرز» التي انطلقت بتظاهرات مليونية وكان اللبنانيون جميعاً بشوق للانضمام إلى مسيرتها لولا العثرات التي ارتكبتها القيادة فتحولت إلى مراكز نفوذ وإلى بقرة حلوب يسعى كل فريق أو حزب إلى الاستفادة شعبيا من خلال طرح الشعارات المزايدة بعيداً عن أي تضامن كان سائداً عشية انطلاق هذه الثورة.
فهل يصلح العطّار في مؤتمر الأمانة العامة ما أفسده طمع السياسيين الاذاريين أم أن مؤتمر الأمس يشبه غيره من المحاولات الحثيثة التي كانت تسعى إلى «قوم تإقعد مطرحك ..»؟